19‏/11‏/2017

سوق وحمام مدينة الشطرة الكبير اين صاحب الملك سنة 2004م


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد

سوق وحمام مدينة الشطرة الكبير اين صاحب الملك سنة 2004م

ملاحظة : كل تصرف حدث هنا لغرض الوقوف على الحقيقة ؟.

انا عراقي اسمي ( س.ش.ع ) في سنة 2004م 
كنت في سوريا واسكن منطقة ريف دمشق منطقة السيدة زينب

كنا وانا واصدقائي في الليل نجلس في اوستراد دمشق 
بيروت هناك مقهى نرتاح فيه من اثر الدراسة والتعب والهموم.
فكان يجلس بالمقهى الكتاب والفنانين والادباء واغلبهم كبار السن 
فجلس شخص بالطاولة المجاورة لنا وبدأ يتكلم بطريقة 
لفتت نظري وطبعت صورته في ذهني.
وبعد فترة  8 اشهر ذهبنا الى مدينة اسطنبول انا وجماعتي 
ونزلنا بفندق وبدأنا نتمشى بالشارع الذي فيه فندقنا 
واذا شخص جالس على كرسي بمقهى على 
رصيف شارع ينادي (انتم عرب استريحوا).
وانتبهنا عليه وحصلت الاجابة وجلسنا 
نشرب القهوة فقال لنا انتم عراقيين قلنا له 
نعم عراقيين مقيمين في سوريا فقلت له:

كأني شاهدتك من قبل فقال لي:
انا ذهبت الى سوريا قبل 8 اشهر وتذكرت, فقلت له:
انت جلست بمقهى يقع على اوستراد دمشق بيروت
فقال: نعم, ثم تعارفنا, فقال لصديقي انت من أي مدينة فقال له:
انا من المحمودية والاخر من بغداد 
وثم توجه لي السؤال انت من أي مدينة انت: فقلت له:
انا من الناصرية فقال لي:
انا تاجر املاك وانا من مدينة الشطرة 
اسمي (عدنان) 

نملك الحمام الوحيد في المدينة 
ونملك سوق باكلمه المجاور لـ(حمام الشطرة) 
الذي نحن نديره, وقد سفرنا نظام صدام 
لان ديانتي (يهودية) سنة 1980م.

وحينما سمعوا اصدقائي هذا الخبر ذهبنا للفندق 
وبقي (عدنان اليهودي) صاحب الحمام جالس.

18‏/11‏/2017

الاطباء يسرقون ادوية منظمات الامم المتحدة في سنة 2004 م


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد

الاطباء يسرقون ادوية منظمات الامم المتحدة في سنة 2004م

ملاحظة : كل تصرف حدث هنا لغرض الوقوف على الحقيقة ؟.

انا عراقي اسمي ( س.ش.ع ) في سنة 2004م كنت في سوريا 
واسكن منطقة ريف دمشق منطقة السيدة زينب B 
وكلفني احد الاخوان بادارة مشفى خيري.

حينها رتبنا الحال وبدأنا نستلم من منظمات الامم المتحدة حصة ادوية متنوعة 
وبين فترة واخرى استلم حصة وابدأ بصرفها في المشفى الخيري 
الذي انا اديرهُ وحينما كنا نستلم الادوية من المنظمة الدولية.

كنت اتعرف على اطباء يستلمون معي حصصهم وكانوا يبيعون حصص الادوية 
على ناس تجار الادوية وقد عرضوا انا شخصياً ان ابيع عليهم وعرضوا اسعار مغرية ولكني رفضت باستمرار.

والمهم بعدها دارت السنوات وسنوات تفاجئت ان هؤلاء الاطباء الذين 
كنت اعرفهم اصبحوا قادة فصائل كبيرة جدا ولهم شعبية تحت مسمى الجهاد وقد سيطروا على مناطق كبيرة من سوريا.



مصادر مافيات الخطف في العراق سنة 2004م والحساب البنكي


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد

مصادر مافيات الخطف في العراق 
سنة 2004م والحساب البنكي

ملاحظة : كل تصرف حدث هنا لغرض الوقوف على الحقيقة ؟.

انا عراقي اسمي ( س.ش.ع ) في سنة 2004م كنت في سوريا 
واسكن منطقة ريف دمشق منطقة السيدة زينب.
كنا وانا واصدقائي في الليل نجلس في اوستراد دمشق بيروت 
هناك مقهى نرتاح فيه من اثر الدراسة والتعب والهموم 
فكان شخص يجلس بين حين واخر وحده على الطاولة المجاورة 
فقالوا لي اصدقائي:
شاهد هذا الشخص 

لا تكلمه الا في حال نحن معك 
فبدأت الشكوك تراودني وفي يوم من الايام ذهبنا للمقهى 
وبعدها بقيت وحدي حيث انهم ذهبوا لعملهم.
وبعد فترة وجيزة جاء هذا الشخص الذي 
حذروني منه واصبح عندي 
فضول لكي اجلس معه فنظرت اليه من بعيد 
والتفت لي وقال تعال واجلس معي على طاولتي 
بينما ياتون اصحابك وبعد ان جلست معهُ باردته مباشرةً بالسؤال:
ماذا تعمل انت : فقال لي : 
من أي محافظة بالعراق انت قلت له من مدينة (.....) 
فقال لي: 
عملي هنا وكيل عن جماعة بالعراق, وفي العرف العشائري 
عندكم يسمى (كعد)[1] فقلت له ولمن انت (كعد) 
وانت جالس هنا في سوريا فقال لي:
انا وكيل لجماعة في العراق يخطفون وبعدها يساومون 
او يطلبون من اهل المخطوف فدية مال يتم 
تحويلها لي الى هنا وانا بدوري استلمها 
ومن ثم اذهب للـ(البنك السعودي الفرنسي
واودعها هنا في حسابي فقلت له:
وكم المبلغ قال لي حسب مكانة المخطوف 
ولكن لا يقل عن خمسة دفاتر من الدولار 
فما فوق أي (50 الف دولار واكثر) وقلت له:
ماذا تفعل بالمال هنا ؟ فقال لي:
نتقاسمه هنا مع ناس هنا كبار بالمسؤولية.
وانا اقول في حرقة من امري لك الله ياعراق ؟




[1] -  الكعد : هو شخص يسكن في منطقة يعرفه من ياتي اليه لغرض ما مثل السرقة او القتل او شراء سيارة وهكذا في مقابل الشراكة او اجرة مال.





معسكرات تدريب (الجهاد) في سنة 2004م - مخابرات تدرب الارهابيين بمعسكرات سرية مقابل Intelligence camp in Syria- Training terrorists

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد

معسكرات تدريب (الجهاد) في سنة 2004م
Intelligence camp in Syria- Training terrorists

ملاحظة : كل تصرف حدث هنا لغرض الوقوف على الحقيقة ؟.

انا عراقي اسمي (س.ش.ع) وصديقي اسمه (بـ...) في سنة 2004م كنت في سوريا واسكن منطقة ريف دمشق منطقة السيدة زينب B وكلفني احد الاخوان بادارة مشفى خيري.
وحينما ادقق الحسابات لاحظت غياب (موظفة) عاملة الاستعلامات غائبة (منقطعة عن العمل) كم يوم وابلغت الشخص الذي كلفني بالمشفى واقترح زيارتها للمنزل.
ودونت عنوان الدار من سجل الحسابات ورافقني صديق اسمه (بـ...) يحضر للماجستير علوم سياسية واعطيت العنوان لصاحب التكسي واخذنا الى مدينة فيها شارع يشبه شارع وتقاطع يشبه الاخر والبيوت جميعها متشابه.

وتسمى المدينة (سبينه) في سوريا وهي على شكل مخيمات شيدتها الامم المتحدة الى اللاجئين الفلسطينين في سوريا تقريباً حوالي اكثر من (50 الف) وحدة سكنية (دار او منزل) ملاصق للاخر.
فجاء بنا صاحب سيارة الاجرة على العنوان وقال عنوانكم في هذا الشارع فاخذنا نقرا رقم الدار الى ان وصلنا وطرقنا الباب وخرج لنا شاب يافع ذو شعر طويل وقلنا له نحن بزيارة من المشفى الذي تعمل به والدتك من بعد ان تكلمنا معه.
ذهب واصدر صوت مرتفع ونادى امه هؤلاء يمنيين من المشفى حضروا لزيارتك فجاءت المرأة ودخلنا الدار في غرفة الاستقبال وكان في طرف الغرفة العلوي صور عليها خط اسود وهي اشارة الاموات.
وكان في اعلى ركن زاوية الغرفة صورة ملونة لشاب جميل وعليها خط اسود فحاولت السؤال فمنعني صديقي (بــ...)  وبدأ الكلام اين صورة والدكم فقالوا هذهِ وقد استشهد في حرب تشرين قتله اليهود فقال صاحبي (بـ....) رحم من قرا الفاتحة.
بعدها تسلسل بالصور الى وصل الى صورة الشاب فقال: ومن هذا الشاب الجميل قالوا له: (هذا استشهد بعملية جهادية في ساحة الطيران ببغداد) ومن ثم قالوا هو غير متزوج.
وكل هذا هم يعتقدون نحن من ( اليمن ) ولا يعلمون نحن من العراق فسأل صديقي (بــ...) قبلها جاء باية من القران عن الجهاد ثم قال كيف ذهب للعراق فجاوبه احدهم وقال له: (يجاهد في العراق لمدة ستة اشهر ويصرف له 50 الف ليرة سورية).
فقال : صديقي (بــ...) فلو جاهدت انا وصديقي هذا (س.ش.ع) فقالوا: نذهب الى الشيخ في المسجد, بعدها ذهبنا الى المسجد ووجدنا الشيخ وقالوا له هؤلاء يمنيين يرغبون بالجهاد في العراق فرحب بنا الشيخ وقال لنا:

يفتح لكم حساب في (البنك السعودي الفرنسي) ويضع فيه 50 الف ليرة سورية تجاهدون بالعراق لمدة ستة اشهر فقلنا للشيخ واذا اردنا البقاء قال يوضع لكم اخرى وهكذا.
ثم قال الشيخ : في حال رزقكم الله الشهادة ان كنتم متزوجين تذهب لاولادكم وان كنتم غير متزوجين تذهب الى الاخوان والاب والام.
فطلبنا منه الذهاب الى المصرف لفتح حساب بنكي ووصلنا للعاصمة دمشق (الشام) ودخلنا البنك فهمست في اذن صديقي (بــ...) ما الحل؟ بعدها بادر قال للشيخ اننا لم نجلب الاوراق الثبوتية من جواز وغيرها.
فقال الشيخ وهو يميل عاطفيا لنا سنذهب الى معسكرات التدريب واجرنا تكسي وقال لصاحب السيارة العنوان وذهبنا داخل دمشق العاصمة وكنا نتصور ان المعسكرات خارج العاصمة (الشام) .
فوصلنا الى معسكر تديره المخابرات السورية ولاحظنا وجود عناصر مخابرات من دول عربية واكثرهم من دول اجنبية.
فبدأ الشيخ التعريف بنا وهو فخور بنا واصبح من خلال كلامهم مهتمين بنا كثيرا جدا وجلسنا مع الراس الكبير للمعسكر ومعه العرب والاجانب نتكلم فسأله صديقي (بــ...) ان المبلغ المودع بالمصرف السعودي الفرنسي قليل جدا قياساً بالمدفوع لكم. (قال هذه العبارة من باب الاستدراج لان من البديهي يوجد ممول لهذا كله)؟.
فقال له مسؤول المعسكر(المخابراتي): صحيح ولكن هذا من باب الاعانة فالجهاد في سبيل الله لا يحتاج اجر فالله هو وحده يعوض الجنة والحور العين.

ثم قال المسؤول : ان الحكومة (يقصد السورية) لها شيء بسيط في مقابل تسهيل هذهِ الخدمة للمجاهدين.
ثم رجعنا الى مكان السكنى وكل هذا هم لا يعرفون نحن عراقيين ونسكن بريف دمشق.
وهذا من باب الشاهد للعالم ما تعمل الدول وما لعبت من دور؟ ولك ان تحكم على من كان السبب بقتل العراقيين الذين لا حول لهم ولا قوة الا بالله العلي العظيم ....... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون؟
ملاحظة : كل تصرف ظهر منا انا وصديقي في هذه الحادثة هو لغرض الوقوف على الحقيقة ؟. طبعاً كانت مجازفة؟.


17‏/11‏/2017

القوة الإقليمية الإمبراطورية وهدم الشرق الاوسط - جوناثان كوك - صمويل هنتنجتون

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم 
بسم الله الرحمن الرحيم 
اللهم صلِ على محمد وال محمد

الكيان الصهيوني يخطط 
أن يكون - قوة إقليمية إمبراطورية -

في فبراير/ شباط ،1982 نشرت المنظمة الصهيونية العالمية، باللغة العبرية، خطة للشرق الأوسط، كتبها صحافي “إسرائيلي” هو اوديد يينون، الذي كان قبل ذلك الوقت يشغل منصباً رفيعاً في وزارة الخارجية “الإسرائيلية”، مما يعني أنه كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع جهاز الاستخبارات “الإسرائيلية”، الموساد. وكانت تلك الخطة بعنوان “استراتيجية ل”إسرائيل” في الثمانينات”. وينادي فيها بتحويل “إسرائيل” إلى قوة اقليمية امبراطورية، وبتفتيت العالم العربي إلى مجموعات اثنية وطائفية متناحرة، يمكن السيطرة عليها والتلاعب بها بسهولة لمصلحة “إسرائيل”.
ويقول مؤلف الكتاب الذي نحن بصدده، وهو بعنوان ““إسرائيل” وصدام الحضارات”، ان يينون تحدّث قبل صمويل هنتنجتون بعشر سنوات، عن انهيار النظام العالمي، وعن صدام الحضارات، وحتمية الصراع بين الحضارة الغربية والعالم الاسلامي.
ويرى المؤلف، جوناثان كوك، ان غزو العراق واحتلاله، واحتمال خوض حرب أخرى مع إيران، تأتي ضمن هذا السياق، أي أن تفتيت العراق، ونشر الفوضى والحرب الأهلية فيه، لم يكونا مما لم تتوقعه الإدارة الأمريكية حين غزت العراق، بل إن ذلك هو الهدف الذي سعت إلى تحقيقه “إسرائيل”، وأصدقاؤها المحافظون الجدد، في إطار إعادة صياغة الشرق الأوسط على نحو ييسِّر السيطرة عليه والتلاعب بمقدّراته.

وفي الكتاب عرض لتاريخ العلاقة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة، وكيف تطورت بتلاقي مصالح الطرفين، وأدت إلى خلق تحالف يشهد الناس في الشرق الأوسط نتائجه على مدار الساعة.
مؤلف الكتاب هو جوناثان كوك، العضو السابق في هيئة تحرير صحيفتي “الجارديان” و”الأبزرفر” البريطانيتين، والذي كان يكتب أيضاً في “التايمز”، و”لوموند دبلوماتيك”، و”انترناشيونال هيرالد تريبيون” و”الأهرام ويكلي”، وغيرها. وهو يقيم في مدينة الناصرة.
يدحض المؤلف منذ الصفحات الأولى في الكتاب، الفكرة التي تقول ان ما يشهده العراق من تمزق، وحرب أهلية، ونزوح وهجرة داخلية وخارجية، وغير ذلك من أوضاع مأساوية، هو من نتائج الغزو الأمريكي. ويبرهن، عوضاً عن ذلك، على أن المأساة العراقية الحالية، هي من الأهداف الأساسية للغزو والاحتلال. فتدمير العراق، وتفتيته، كانا ولا يزالان على رأس الأولويات الأمريكية “الإسرائيلية”.
ومن هنا، يشكك المؤلف في صدق الأعذار الرسمية التي تبرر بها الولايات المتحدة الشراسة التي تبديها إزاء كل من إيران وسوريا ولبنان والمناطق الفلسطينية، ومن قبلها العراق. فلم يكن أيُّ من هذه الدول يشكل خطراً حقيقياً على الأراضي الأمريكية، ولا كان لها ارتباط مع تنظيم “القاعدة”، كما لم تشكل تهديداً فعلياً ل”إسرائيل” المدججة بالسلاح النووي.
ومن جانب آخر، ثبت أن ادعاءات البيت الأبيض المتكررة بأن الولايات المتحدة تريد تصدير “الديمقراطية” إلى هذه الدول، ما هي إلاّ ادعاءات جوفاء، بدليل أن الولايات المتحدة عمدت إلى معاقبة جمهور الناخبين الفلسطينيين، حين مارس خياره الديمقراطي، وانتخب حماس.
كما ان الانتخابات في العراق في يناير/ كانون الثاني ،2005 التي يتغنى بها البيت الأبيض، لم تحدث في حقيقة الأمر، كما ذكرت صحيفة “الفاينانشيال تايمز” المحافظة، إلا استجابة ل”إصرار آية الله العظمى علي السيستاني، الذي اعترض على ثلاث خطط وضعتها سلطات الاحتلال الأمريكي بقصد إغفال موضوع الانتخابات”.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تُبد واشنطن أي اهتمام بالاستجابة لرغبة الأغلبية الساحقة من العراقيين، الذين تُبين استطلاعات الرأي دائماً أنهم يرغبون في رحيل قوات الاحتلال عن بلادهم.
ومهما يكن من أمر فإن أي أمة في التاريخ، لم تقدم مثل هذه الخسائر والتضحيات الجسام، بدافع الإيثار للغير، ولمجرد “نشر الديمقراطية” كما تزعم الولايات المتحدة.
ويكشف المؤلف خللاً آخر في منظومة مبررات احتلال العراق، ويتساءل قائلاً: إذا كانت مصالح واشنطن تكمن في تهدئة الضغوط الطائفية التي تجعل السيطرة على العراق مهمة عسيرة، وإذا كان المفتاح لتحقيق ذلك الهدف، هو التحدث مع إيران وسوريا، مثلما يعتقد العديد من الساسة الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين، فلماذا لم تبذل إدارة بوش أي جهد حقيقي في ذلك الاتجاه؟ وما هي المصالح التي تصاغ على أساسها السياسة الأمريكية في المنطقة؟ وهل كان المحافظون الجدد ببساطة ينفذون أجندة أمريكية من أجل النفط، أم انهم ينفذون أجندة “إسرائيلية” من أجل تدعيم هيمنة “إسرائيل” في المنطقة، كما يقول بعض المعارضين الأمريكيين؟
وإذا كان الاحتمال الثاني هو الصحيح، فما هي فكرة زعماء “إسرائيل” عن المصالح ال “ إسرائيلية”: ألن تجلب الحرب الأهلية عند انطلاقها من عقالها في المنطقة، الكارثة لدولة غير عربية، غير إسلامية، وصغيرة، مثل “إسرائيل”؟
من يتحكم بسياسة أمريكا الخارجية ؟
يحاول المؤلف الإجابة عن هذه التساؤلات، قائلاً: خارج إطار الجدل السائد، الذي يصوّر المواجهة مع إيران بأحد اللونين: الأبيض أو الأسود، فيطرحها على أنها صراع العالم اليهودي المسيحي الخيِّر، ضدّ التطرف الاسلامي الشرير توجد إجابتان أخريان، معقولتان في ظاهرهما، ومتعارضتان في الوقت ذاته. وهما اللتان يختزلهما تعبيران أصبحا شائعين، هما: “الكلب يهز ذيله”، و”الذيل يهز كلبه”. 
والافتراض الأول، الذي يتزعم أصحابَه، المفكرُ الأمريكي نعوم تشومسكي، يقول ان التناقض بين مصالح الولايات المتحدة، وسياساتها على الأرض، ظاهري وغير حقيقي. وهي تمارس استراتيجيتها القديمة القائمة على اضطهاد الدول التي تأبى الإذعان في الشرق الأوسط، من أجل تأمين السيطرة على مصادر النفط. وقد بدا واضحاً بصورة متزايدة ان ادارة بوش كانت تنوي الاستيلاء على معظم ثروة العراق النفطية، ومنح الشركات الأنجلو أمريكية حق نهب الثروات من حقول العراق النفطية العديدة على مدى المستقبل المنظور. بل ان الرئيس بوش تجرّأ في أواخر سنة 2006 على ربط الاحتلال بالنفط، مدعياً ان القوات الأمريكية إذا انسحبت من العراق، فسوف يسيطر المتطرفون على هذا البلد، “ويستخدمون الطاقة للابتزاز الاقتصادي”، ويحاولون الضغط على الولايات المتحدة لكي تتخلى عن تحالفها مع “إسرائيل”. وقال ان المتطرفين سوف “يتمكنون من سحب الملايين من براميل النفط من السوق، ما يدفع الأسعار إلى بلوغ 300 أو 400 دولار للبرميل”.
ويقول المؤلف، ان فريق تشومسكي لا يقدم تبريراً مقنعاً لرغبة الإدارة الأمريكية الواضحة في شن هجوم على إيران، أو قرارها قبل ذلك، غزو العراق واحتلاله. فحتى صقور واشنطن لا يستطيعون أن ينكروا ان سياسة احتواء العراق التي طبقت في تسعينات القرن الماضي، على سبيل المثال، كانت أنجح من الفوضى التي تلت الغزو، كما ان رأي تشومسكي يوحي بأن واشنطن كانت لديها رؤية منسجمة وموحدة وواضحة سلفاً للمصالح الأمريكية في الخارج، وكيفية تأمينها. ولكن ما رأيناه في العراق، ان ادارة بوش مارست سياسات تتناقض ونصيحة العديد من مستشاريها أنفسهم، وتتعارض مع الأهداف المعروفة التي تسعى اليها أوساط شركات النفط القوية.
فقد نفذت هذه الإدارة “الإطاحة بالنظام” بدلاً من “تغيير النظام”، وسمحت بذلك للعنف والطائفية أن ينفلتا من عقالهما في العراق، بدلاً من تنصيب رجل قوي آخر كما تملي الخبرة الاستعمارية، وكما ترغب كبرى شركات النفط. وبالمثل، سوف يكون توجيه ضربة لإيران لكي تتعلم ان العصيان لا يجدي، كما يقول تشومسكي، حتماً باهظ الثمن للولايات المتحدة، إذ سيؤدي إلى تفاقم انعدام القانون، والقتل في العراق المجاور الذي تحتله الولايات المتحدة، والسقوط شبه المؤكد للنظام الموالي في لبنان، وتفشي الفوضى التي يصعب التكهن بعواقبها عبر المنطقة، بما في ذلك العربية السعودية وسوريا والأردن والمناطق الفلسطينية المحتلة. وإذا استخدمت في الضربة رؤوس حربية نووية، فسوف تكون التكاليف مما يستعصي على الحصر. 
ويعرض المؤلف الإجابة الثانية، البديلة عن نظرية تشومسكي، وهي التي قدمها الأستاذان الجامعيان الأمريكيان جون ميرشايمر وستيفن والت، من خلال مقالة نشراها في مجلة “لندن ريفيو اوف بوكس”، والتي ذكرا فيها ان اللوبي الموالي ل”إسرائيل” في الولايات المتحدة، نجح في دفع السياسة الخارجية الأمريكية في اتجاه مدمر للذات تماماً، وجعلها تضع المصالح “الإسرائيلية” فوق مصالح واشنطن، وتسعى لتحقيق الأهداف “الإسرائيلية” متخطية الأهداف الأمريكية. وكما قال هذان الأستاذان: “لقد عملت الحكومة “الإسرائيلية” والجماعات الموالية ل “إسرائيل” في الولايات المتحدة معاً لتشكيل سياسة الإدارة الأمريكية إزاء العراق، وسوريا وإيران، وكذلك تشكيل خطتها الكبرى الرامية إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط”. وما جعل ذلك ممكناً هو النفوذ الطاغي الذي يمارسه اللوبي الموالي ل”إسرائيل” على السياسة الأمريكية.
ويقول المؤلف ان نظرية ميرشايمر ووالت تنطوي على ان معظم عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية، قد اختطفه عملاء لسلطة أجنبية، وان “إسرائيل” هي التي تحرك فعلاً خيوط السياسة في واشنطن من خلال حلفائها من المحافظين الجدد وجماعات مثل منظمة “ايباك” (لجنة العلاقات العامة الأمريكية “الإسرائيلية”). ويتابع المؤلف قائلاً، على الرغم من أنه لا شك في ان ايباك تسعى إلى تقديم المصالح “الإسرائيلية” على المصالح الأمريكية، الاّ أن نظرية ميرشايمر والت مضت إلى أبعد من ذلك بالقول ان “ايباك” تنجح دائماً في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، بينما يرى تشومسكي أن موقفي “ايباك” واللوبي “الإسرائيلي” يعكسان المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
ويتساءل المؤلف، إذا كان الأستاذان على حق، فلماذا تتكاسل واشنطن إلى هذا الحد بالسماح لسلطة أجنبية بأن تتجاوز نظام التدقيق والمحاسبة الراسخ في الولايات المتحدة؟ وكيف فشلت النخب القوية الأخرى، بما فيها صناعة النفط، في العثور على طريقة لإبعاد هذه “الهيئات الأجنبية” واستعادة التركيز على المصالح الأمريكية”؟
ويتحدث المؤلف عما يعتبره تناقضين في نظرية ميرشايمر والت. يقول، أولاً، على الرغم من أن الإدارات الأمريكية الأخيرة، كانت “موالية “ ل “إسرائيل” بهلع، إلاّ أن البيت الأبيض، في ولاية بوش الثانية، مضى في ذلك إلى درجة غير مسبوقة. فإذا كان مثل هذا الالتزام بمصالح “إسرائيل” بتأثير من اللوبي الموالي ل “إسرائيل”، وليس نتيجة لما يعتبر، ولو جزئياً على الأقل، من المصالح الأمريكية الحقيقية، فلماذا لم تمارس إدارتا الرئيسين بوش الكبير وكلنتون سياسات مماثلة لسياسات بوش الأصغر في الشرق الأوسط؟ ولماذا لم يُطِح بوش الأكبر مثلاً، بصدام حسين خلال حرب الخليج سنة ،1991 حين كان ذلك أكثر منطقية وأشد إلحاحاً ؟
ويمضي المؤلف قائلاً: حسب نظرية ميرشايمر ووالت، لا يوجد لذلك سوى تفسيرين اثنين: إمّا أنّ “إسرائيل” لم تكن تريد تحقيق إسقاط صدام في أوائل التسعينات، أو ان اللوبي “الإسرائيلي” قد اكتسب قوة أكبر بمرور الوقت. ويقول المؤلف، ان أياً من الحجتين غير مقنعة.
والتناقض الثاني، في نظرية الأستاذين، وفق رأي المؤلف، هو أنه حتى لو أمكن القول ان المحافظين الجدد اليهود، يقدِّمون فعلاً الولاء ل “إسرائيل” على الولاء للولايات المتحدة، فكيف يمكن تفسير دوافع المحافظين الجدد غير اليهود، مثل جون بولتون، وجيمس وولسي، أو أربابهما في البيت الأبيض مثل ديك تشيني ودونالد رامسفيلد؟ وهل كانوا يقبضون أجراً من الحكومة “الإسرائيلية” أم كانوا يخضعون للتخويف والابتزاز؟ وإذا لم يكونوا كذلك، فكيف يمكن تفسير سلوكهم كمحافظين جدد؟
الكلب والذيل يهز كل منهما الآخر
يقدّم المؤلف تفسيراً مختلفاً عن النظريتين السابقتين لممارسة الإدارة الأمريكية طائعة، تحقيق أهداف مدمرة في الشرق الأوسط. ويقول ان فهمه للأمر يدمج بين بعض افتراضات تشومسكي وافتراضات ميرشايمر والت.
وهو يعتقد بأن “إسرائيل” قد أقنعت المحافظين الجدد، بأن هدفيْ الطرفين (أي تحقيق هيمنة “إسرائيل” في المنطقة، وسيطرة الولايات المتحدة على النفط)، هما غايتان مترابطتان ومتوافقتان.
فقد بدأت المؤسسة العسكرية “الإسرائيلية” تطوير رؤية طموحة ل “إسرائيل”، تقوم على اعتبارها امبراطورية صغيرة في الشرق الأوسط، قبل أكثر من عقدين من الزمن. وبعد ذلك سعت إلى العثور على راعٍ لذلك في واشنطن ليساعدها في تحقيق رؤيتها، ووجدت ذلك الراعي، متمثلاً في المحافظين الجدد.
وربما كان المحافظون الجدد اليهود، الذين تربط الكثيرين منهم روابط عاطفية قوية مع “إسرائيل”، الأكثر استعداداً للإصغاء إلى الرسالة القادمة من تل أبيب، ولكن تلك الرسالة كانت مقنعة حتى للمحافظين الجدد غير اليهود، لأنها وضعت المصالح الأمريكية، وبخاصة الهيمنة الدولية، والسيطرة على النفط، في قلب رؤيتها.
وأفكار “إسرائيل” عن كيفية تحقيق هذه الأهداف تستمد نسغها من النظرية الصهيونية، التي تملك ميراثاً عريقاً في هذا المجال. فالمؤسسة الأمنية “الإسرائيلية” تؤمن بأن هيمنة “إسرائيل” الاقليمية، وسيطرة الولايات المتحدة على النفط، يمكن تحقيقهما بالطريقة ذاتها، أي من خلال إحداث كارثة في الشرق الأوسط، على هيئة انهيار اجتماعي، وسلسلة من الحروب الأهلية وتجزئة الدول العربية.
وما يعتبره كثير من المراقبين المطلعين سياسة أمريكية تخلق المشكلات والمصاعب بدلاً من النتائج المفيدة، يعتبره المحافظون الجدد و”إسرائيل” مردوداً إيجابياً. وبكلمات أخرى، لم يكن الأمر أن الكلب يهز ذيله أو أن الذيل يهز كلبه، بل ان الكلب والذيل يهز كل منهما الآخر.
وعلى نحوٍ ما، كان هذا هو الهدف الحقيقي للاستراتيجية “الإسرائيلية”. فعن طريق ربط مصيريْ الاحتلال “الإسرائيلي” للمناطق الفلسطينية، والاحتلال الأمريكي للعراق معاً، وبتوريط القوات الأمريكية في وحل الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التي ترتكبها القوات “الإسرائيلية” يومياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، يصمد المشروعان معاً، أو يسقطان معاً. ويغدو مستقبلا الاحتلاليْن، “الإسرائيلي” والأمريكي متشابكين معاً على نحو لا فكاك منه.
وقد استمدت رؤية المحافظين الجدد للتفوق الأمريكي العالمي، طموحاتها من الخطط “الإسرائيلية” التي سبقتها للهيمنة على المنطقة، والتي تقتضي تفتيت الدول العاصية في الشرق الأوسط مثل إيران، والعراق وسوريا والدول التي تدور في فلكها مثل لبنان، إلى وحدات أصغر. وبعد ذلك، وعندما تتكرس الولاءات البدائية والطائفية والعشائرية، فإنه يمكن عندئذ إبراز هذه الولاءات واستغلالها وإدارتها. ولعل خطة “إسرائيل” قد تصورت أيضاً إضعاف العربية السعودية، منافِسة “إسرائيل” الوحيدة في الشرق الأوسط على النفوذ في واشنطن، بتقويض سيطرتها على منظمة اوبك. وكانت هذه السياسة هي سياسة “فرِّق تَسُدْ” في الشرق الأوسط، كما تمارسها دولة ضئيلة الحجم، ذات طموحات امبراطورية، على مستوى باذخ.
ويقول المؤلف، إن ما وضعته “إسرائيل” من خطط للمنطقة، وما تسنّى تطبيقه مع بلوغ المحافظين الجدد مراكز بارزة في السلطة في الولايات المتحدة، هو ما يدعوه في مكان آخر من الكتاب بوصف “الفوضى المنظمة”. وقد عبّر أحد العقائديين البارزين من المحافظين الجدد، وهو مايكل ليدين، الموظف السابق في البنتاجون، عن هذه الفلسفة بوضوح شديد، إذ قال: “ان التدمير الخلاق هو الخصلة التي تميزنا، سواء داخل مجتمعنا أو في الخارج. إننا نهدم النظام القديم كل يوم، من عالم الأعمال، إلى عالم العلم، والأدب والفن والعمارة والسينما، إلى السياسة والقانون. لقد ظلّ أعداؤنا على الدوام يكرهون زوبعة الطاقة والإبداع هذه، التي تعرض للخطر تقاليدهم (كائنة ما كانت) وتفضحهم لعجزهم عن المجاراة. وإذ يرون أمريكا تحطم المجتمعات التقليدية، يخشوننا، لأنهم لا يرغبون في أن يُحطَّموا. لم يعد بإمكانهم أن يشعروا بالأمان ما دمنا هناك، لأن وجودنا في حد ذاته وجودنا لا سياستنا يهدد شرعيتهم. ولا بدّ لهم من أن يهاجمونا ليحافظوا على بقائهم، تماماً كما لا بدّ أن نحطمهم لدفع عجلة رسالتنا التاريخية”. 
وقد طرح نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، موجزاً لتصور مشابه للمستقبل في كلمة ألقاها في يناير/ كانون الثاني ،2004 ووصف فيها الغرب المحاط بالأعداء والذي يخوض الحروب باستمرار في نسخة على مستوى عالمي، من تصوّر “إسرائيل” لوضعها في الشرق الأوسط. 
ويضيف المؤلف نقطتين أخريين إلى تصوره للعلاقات الأمريكية “الإسرائيلية”. الأولى، ان العلاقات بين المحافظين الجدد و”إسرائيل” ظلت ديناميكية دوماً؛ ف “إسرائيل” لم تبع المحافظين الجدد تصوراً ثم سعت إلى تطبيقه. بل أقنعتهم باستراتيجيتها الأساسية للهيمنة على الشرق الأوسط (وان هذه الاستراتيجية هي في مصلحة الطرفين)، وبعد ذلك انطلق المحافظون الجدد لوضع سياساتهم الخاصة بهم لتحقيق هذه الأهداف.
ومن الممكن بناء على هذه القراءة للأمور كما يقول المؤلف ان “إسرائيل” وجدت نفسها في بعض الأحيان تتلقى إملاءات المحافظين الجدد، أو تُدفع لكي تحقق وعوداً كافحت عملياً لتحقيقها. وكانت تلك بالتأكيد هي الهيئة التي بدت عليها أثناء الهجوم على لبنان، عندما أدركت القيادة “الإسرائيلية” بسرعة أنها لن تستطيع أن تتحمل خسائر غزو بري. وبدا أن الحرب تتواصل على الأغلب بإغراء من المحافظين الجدد، الملتزمين بصورة مطلقة باستراتيجية إزالة خطر حزب الله كشرط مسبق لشن هجوم على طهران، دون ان يواجهوا مثل ساسة “إسرائيل” احتمال دفع التكاليف من شعبيتهم لدى جماهيرهم، بسبب خسائر في أرواح الجنود الأمريكيين.
والنقطة الثانية أن تردد واشنطن الظاهر في تطبيق المرحلة التالية من التصور “أي مهاجمة إيران” يعكس عجز الولايات المتحدة و”إسرائيل” عن إدارة الحروب الأهلية والتمردات، بالإضافة إلى التأثير في الرأي داخل الوطن، بالقدر الذي تخيَّلتاه من النجاح. 
وكان تصور “إسرائيل”، للشرق الأوسط تحت حكم “إسرائيلي” وأمريكي مشترك انه: رائع. فقد كان لدى “إسرائيل” افتراضات مبسطة تليق بتصورات المؤسسة الأمنية “الإسرائيلية”، التي تعتبر العرب والمسلمين، بيادق يمكن التحكم بها بالمكائد والدسائس “الإسرائيلية” والغربية.
وهي تفترض وجود”عقلية عربية” بدائية مألوفة لدى الوسط الأكاديمي “الإسرائيلي” والمؤسسة الأمنية “الإسرائيلية”. ولذلك لم يكن مدهشاً ان أهم كتاب عن الشرق الأوسط، شائع في أوساط المحافظين الجدد والجيش الأمريكي هو الكتاب الشهير بعنصريته، والذي يحمل عنوان “العقلية العربية”، الذي ألّفه سنة 1976 رافائيل باتاي، وهو يهودي هنغاري أمضى سنوات يدرّس في الجامعات “الإسرائيلية” قبل أن يرحل إلى الولايات المتحدة. وقد طور باتاي، نظرية عن الشخصية العربية توحي بأن العربي لا يفهم سوى لغة القوة، وان أكبر ضعف في شخصية العربي هو العار والإهانة الجنسية. ومن الواضح أن مثل هذه المبادئ، هي التي كانت وراء نظام التعذيب الذي وضعه الجيش الأمريكي في سجن أبو غريب في العراق. 
جوناثان كوك 
عن دار الخليج 2/7/2008
عرض وترجمة : عمر عدس 
فرنسا كافأت "إسرائيل" لمشاركتها بعدوان 1956 ببرنامج نووي عسكري
قبل أن يناقش المؤلف الخطة "الاسرائيلية" الأمريكية لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، يراجع العلاقات المعقدة في العادة بين "اسرائيل" وراعيتها. فيقول ان "اسرائيل"، بعد إنشائها سنة 1948 واصلت السعي الى تأمين الحماية من قِبل قوة عظمى، مثلما فعلت الجالية اليهودية في فلسطين قبل قيام الدولة، بينما استمرت في الوقت ذاته، في تنفيذ أهدافها التي تنفرد بها. وكان أهم تلك الأهداف تطوير أسلحة نووية، تعتبرها المفتاح لا لضمان مكانتها ضمن الشرق الأوسط المعادي لها، وحسب، بل المفتاح كذلك لحمل حلفائها على إعادة النظر في دورها كعنصر للتغيير في المنطقة.
علاقات "اسرائيل" مع راعيتها
ويضرب المؤلف مثالاً على استغلال "اسرائيل" هذه الاستراتيجية حين تورطت مع بريطانيا وفرنسا في حرب السويس سنة ،1956 لمعاقبة جمال عبد الناصر على تأميمه قناة السويس. فقد وافقت على غزو شبه جزيرة سيناء المصرية، لتوفر للأوروبيين الذريعة التي يريدونها، وهي "التدخل" بحجة الفصل بين القوتين المتحاربتين، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة احتلال منطقة قناة السويس.
وكان لكل من الدول الثلاث مصالحها الخاصة في وقف مد القومية العربية التي ينادي بها عبد الناصر. وقد فشلت خطة هذه الدول عندما استخدمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي الضغط المشترك لتحقيق وقف إطلاق النار وانسحاب "اسرائيل".
ورجعت بريطانيا وفرنسا، من هذه المغامرة بخُفيْ حُنيْن، بينما "اسرائيل" استغلت هذه الهزيمة لمصلحتها. وكسبت نظيرَ مشاركتها في حرب السويس، مساعدة فرنسا لها في أبحاثها النووية. وتفيد الوثائق التي أفرج عنها مؤخراً، بأن بريطانيا، بعد ذلك بسنتين أي سنة ،1958 ولأسباب لم يُكشفْ النقاب عنها بعد، زودت "اسرائيل" بما تحتاج اليه من الماء الثقيل. 
وفي هذه الأثناء، نجحت "اسرائيل" في إخفاء برنامجها النووي الذي كان يجري تنفيذه بإشراف شمعون بيريز، عن الولايات المتحدة. وفي أواسط ستينات القرن الماضي، أي قبيل حرب ،1967 كانت "اسرائيل" تنتج أول رؤوسها الحربية النووية، حسبما يقول المؤرخ "الاسرائيلي" توم سيجيف. ويُعتقد اليوم أنها تملك ترسانة نووية تضم مئتيْ رأسٍ حربي على الأقل.
ويناقش المؤلف الرأي الذي يقول، انّ الولايات المتحدة لم تُقدرْ "اسرائيل" حقّ قدرها، كحليف استراتيجي، إلاّ بعد انتصارها الخاطف سنة ،1967 وانّ تقديرات وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كانت في البداية، ان إقامة تحالف وثيق مع دولة يهودية في الشرق الأوسط سيكون عائقاً استراتيجياً.
ويقول أصحاب هذا الرأي، ان محاولة الرئيس هاري ترومان، سنة ،1947 كسب أصوات الناخبين اليهود، بتأييده المساعي الصهيونية إلى إقامة دولة، قوبِلتْ بالتحذير من قِبَل المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية من أنّ القيادة اليهودية في فلسطين، تسعى إلى تحقيق أهدافها دون مراعاة للعواقب"، ولذلك تُعرّض المصالح الاستراتيجية الغربية للأذى، حيث "يقرن العرب بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبين الصهيونية".
ولكن المؤلف يعتقد بأن القول أن التحالف الأمريكي "الاسرائيلي"، جاء نتيجة لحرب 1967 ما هو الاّ تبسيط للأمور، فقد كانت تربط بين "اسرائيل" وواشنطن في العادة روابط وثيقة، كما كشفت عن ذلك في أوائل سنة ،2007 محاضر أفرج عنها بعد 40 سنة، لاجتماعات سرية للجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي عُقدت قبيل حرب 1967 وأثناءها. وتكشف هذه المحاضر سيطرة "اسرائيل" واللوبي "الاسرائيلي" في الولايات المتحدة، على قلوب وجيوب النواب الأمريكيين.
ولكن العلاقات الدافئة بين الدولتين، توطدت بعد حرب 1967. ويمكن إرجاع تزايد التقارب الى أسباب من أهمها نجاح الجيش "الاسرائيلي" في قهر مصر وسوريا المتحالفتين مع السوفييت، مما أقنع الرئيس لندون جونسون بأن "اسرائيل" تشكل ذخراً ثميناً في الحرب الباردة.
ففي نهاية الحرب، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، انّ "اسرائيل"، "فعلت للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، من حيثُ المال والجهد، أكثر ممّا فعله كل مَن يُسمون حلفاءً في أي مكان في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ففي الشرق الأقصى نكاد لا نجد أحداً يساعدنا في فيتنام. أمّا هنا، فقد كسب "الاسرائيليون" الحرب دون مساعدة من أحد، وخلّصونا من مأزق، وخدموا مصالحنا الى جانب مصالحهم".
تبادل منافع
ويقول المؤلف ان هذه العلاقة الخاصة، كانت مفيدة للطرفين، فقد اعتقدت الولايات المتحدة بأن "اسرائيل" برهنت على أنها حليف عسكري جبار، بل مُلهِم، في الشرق الأوسط.
أما بالنسبة الى "اسرائيل" فإن تحالفها مع الولايات المتحدة، في الوقت الذي أفل فيه النفوذ الأوروبي في المنطقة، يوفر لها منفذاً على أكبر دولة مطورة للأسلحة في العالم. وقد عزز منطق الحرب الباردة، التي كان الاتحاد السوفييتي يغازل أثناءها كبريات الدول العربية، إحساس واشنطن وتل أبيب بأن مستقبلهما مشترك.
وبصرف النظر عن دوافع التحالف الأمريكي "الاسرائيلي"، فإنه أسفر عن خلق "ارتباط حميم" بين واشنطن وبين المصالح "الاسرائيلية". فقد أوصل اللوبي "الاسرائيلي" في الولايات المتحدة الى الطبقة السياسية الأمريكية رسالة بسيطة مفادها، ان وجود دولة "اسرائيلية" مزدهرة ومسلحة تسليحاً جيداً، يمكن ان يخدم أمريكا، باعتبار "اسرائيل" حليفاً ثابتاً، يقف في وجه توسع النفوذ السوفييتي والراديكالي، ويحرس منطقة الخليج وحقول النفط على سواحل الخليج، ويقدم معلومات استخبارية موثقة عن منطقة الشرق الأوسط برمتها.
وكان الأساس الذي بني عليه نجاح اللوبي في واشنطن بصيغتيه اليهودية، والصهيونية المسيحية، هو قدرته على جمع مبالغ طائلة من المال، يمكن ان توظف لمصلحة مرشحين لشغل مناصب عامة، أو ضد مصلحتهم.
ولم يجرؤ إلاّ القليل من أعضاء الكونجرس على الإدلاء برأي صريح في مسائل تعتبرها "اسرائيل" مرتبطة بأمنها، خشية أن يركب خصومهم موجة التمويل الذي يديره اللوبي "الاسرائيلي" عندما يحين وقت الانتخاب.
ومما عزّز هذه الدرجة غير المتوازنة من الدعم لدولة أجنبية، وجود مناخ عام في الولايات المتحدة يصم أي انتقاد ل "اسرائيل" باللاسامية. ونتيجة لذلك، لم يجرؤ سوى قلة على تحدي الدعم المالي الأمريكي المتنامي ل "اسرائيل"، الذي كان قد كلف دافع الضرائب الأمريكي، حتى سنة ،2002 أكثر من 370 مليار دولار. فإذا أضيفت الى ذلك تكلفة حماية "اسرائيل" من الأخطار عبر السنوات، فسوف ترتفع التكاليف لتبلغ 6.1 تريليون دولار، وفق ما يقول أحد الخبراء الاقتصاديين.
ويمضي المؤلف قائلاً ان هنالك أمثلة توحي بأن العلاقة لا تعني ان "اسرائيل" كانت ببساطة تنفذ أوامر حليفتها المتفوقة. ومثلما انتزعت "اسرائيل" امتيازات نووية من فرنسا وبريطانيا، تتقدم الآن بطلبات مستمرة بأن تعامل مصالحها معاملة خاصة من قبل الولايات المتحدة.
ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، صمت إدارة الرئيس جونسون عن الهجوم المتعمد، من قبل سلاح الجو وسلاح البحرية "الاسرائيليين" على سفينة التجسس الأمريكية، ليبرتي، أثناء حرب ،1967 وقتل 34 بحاراً أمريكياً وجرح ما لا يقل عن مئة آخرين. وكان امتناع جونسون عن معاقبة "اسرائيل" بأي شكل من الأشكال درساً مهماً، استنتج منه زعماء "اسرائيل" أن أي شيء يفعلونه لا يمكن ان يغضب الأمريكيين إلى درجة الانتقام.
فإذا لم يكن زعماء أمريكا يملكون الشجاعة لمعاقبة "اسرائيل" على القتل السافر لمواطنين أمريكيين، فإن من الواضح أن أصدقاءها الأمريكيين سوف يدعونها تفعل ما تشاء.
ولكن، رغم وفرة الأدلة على تحدي "اسرائيل" للإدارات الأمريكية حتى في قضايا استراتيجية، الاّ أن السياسة "الاسرائيلية" كانت تعتبر في واشنطن منسجمة مع المصالح الأمريكية الأوسع. ولعل أمريكا كانت تسامح "اسرائيل" على الخطايا الصغيرة، لأنها كانت تراعي الأهداف المنسجمة مع الخطط الأمريكية بوجه عام.
دور مكمّل
بالإضافة الى ذلك، تلعب "اسرائيل" دوراً مكملاً في الاستراتيجية الأمريكية، المتمثلة في السيطرة على الشرق الأوسط من خلال سياسة "فرقْ تَسُدْ" التقليدية. فقد كانت حروب "اسرائيل" المتقطعة مع غير المتعاونين والمعادين من جيرانها، واتفاقيات السلام التي عقدتها مع دول أخرى تعني ان الخطر الذي كانت تشكله ذات يوم، القومية العربية التي كان ينادي بها عبد الناصر قد انتهى.
وبمساعدة "اسرائيل" تمت تجزئة الدول الرئيسة في الشرق الأوسط الى معسكرات مختلفة وغير قابلة للتصالح فيما بينها: فأصبحت دول الخليج الضعيفة معتمدة على الولايات المتحدة لحمايتها عسكرياً ولإضفاء الشرعية على تكتلها النفطي اوبك؛ وجرت مؤازرة الحكام الأقوياء الذين يمكن الاعتماد عليهم في كل من مصر والأردن وايران (أيام الشاه) بدعم أمريكي؛ وتم عزل واحتواء الدول "المارقة" مثل سوريا وليبيا والعراق وايران (بعد ثورة 1979).
وفي الواقع العملي، كان المقياس الذي تقيس به الولايات المتحدة مدى شرعية الدول في الشرق الأوسط، هو رغبة هذه الدول في عقد سلام مع "اسرائيل" أو التعبير عن قبولها بوجودها على الأقل.
وفي هذا السياق، يمكن فهم قرار وزير الدفاع "الاسرائيلي" ارييل شارون، القيام بغزو لبنان سنة 1982 فكانت "اسرائيل" تأمل من ورائه تنصيب بشير الجميل، وهو رجل قوي من الأقلية المارونية المسيحية، ان تجني عدة فوائد مهمة: وهي توقيع معاهدة سلام بالشروط "الاسرائيلية"؛ وفرصة ضم منطقة جنوب لبنان حتى نهر الليطاني، بما فيها من مصادر مائية مهمة، وإخلاء القيادة الفلسطينية ومقاتليها من قواعدهم في مخيمات اللاجئين، واختزال النفوذ السوري في لبنان، وخلق دولة اثنية غير مسلمة أخرى الى جانب "اسرائيل".
وكانت هذه الأهداف تتمتع بدعم متأصل قديم من قبل زعماء "اسرائيل"، بمن فيهم أول رئيس وزراء "اسرائيلي"، ديفيد بن غوريون، الذي كان يحث باستمرار على اندفاع "اسرائيل" داخل لبنان لخلق "دولة مسيحية". وفي سنة ،1954 أيد رئيس الأركان "الاسرائيلي"، موشيه دايان المكيدة المكيافيلية ذاتها، حيث قال: "سوف يدخل الجيش "الاسرائيلي" لبنان،وسيحتل الأراضي اللازمة، ويخلق نظاماً مسيحياً يتحالف مع "اسرائيل".
ولكن على الرغم من التركيز على تحقيق المصالح "الاسرائيلية"، الاّ أنها لم تكن تتعارض مع المصالح الأمريكية، بل ربما كانت تتوافق معها. فوجود رجل قوي مطيع في لبنان، سوف يقلل النفوذين السوري والسوفييتي في المنطقة، ويساعد على عملية عزل الدول العربية العاصية، ويضفي على "اسرائيل" مزيداً من القوة.
مبدأ شارون: إقامة امبراطورية
يذكر المؤلف ان ارييل شارون، قبل القيام بغزو لبنان،كان قد كتب خطاباً رسم فيه تصوراً جديداً لدور "اسرائيل" في الشرق الأوسط. وكان هذا التصور يمثل تحولاً جذرياً عن الفهم التقليدي لحاجة "اسرائيل" الى حماية نفسها من جيرانها المعادين، وقد أثار ذلك التصور دهشة واستغراب بعض المعلقين "الاسرائيليين".
ولا يمكن تحقيق تصور شارون من دون انفراد "اسرائيل" بامتلاك الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، أو إقامة تحالف وثيق مع الولايات المتحدة.
وقد نُشر الخطاب في صحيفة معاريف "الاسرائيلية". وطرح فيه شارون فلسفة أمنية جديدة ل "اسرائيل"، لم تعد "اسرائيل" بموجبها تفكر بشروط السلام مع جيرانها، أو بمحاربة خطر المواجهة المباشرة مع الدول العربية على حدودها. وبدلاً من ذلك أصبحت تسعى الى توسيع دائرة نفوذها لتشمل المنطقة بأسرها.
يقول شارون في خطابه: "وراء الدول العربية، في الشرق الأوسط وعلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، يجب علينا ان نوسع مجال اهتمامات "اسرائيل" الاستراتيجية والأمنية في الثمانينات لتشمل دولاً مثل تركيا، وايران وباكستان، ومناطق مثل الخليج العربي وافريقيا، ودول شمال افريقيا بخاصة".
ويعتمد نجاح "اسرائيل" في ذلك، كما قال شارون، على "تفوق نوعي وتكنولوجي حاسم" في الأسلحة العسكرية، وبخاصة عزمنا على منع دول المواجهة أو الدول التي قد تصبح دول مواجهة من الحصول على أسلحة نووية".
وسرعان ما أصبح يُعرَف هذا التصور ل "اسرائيل" كقوة اقليمية عظمى، باسم "مبدأ شارون"، كما أنه أثار انتقادات واسعة. فقد كتب مراسل صحيفة عل هامشمار "الاسرائيلية" اليسارية، تسفي تيمور، ان شارون يقترح اقامة "امبراطورية "اسرائيلية"".
ويقول المؤلف، ان هنالك ما يفوق القرائن المجردة، على ان مبدأ شارون، سرعان ما تم دمجه في رؤية المؤسسة الأمنية "الاسرائيلية" لدورها المحتمل في الشرق الأوسط. فقد جمع اسرائيل شاحاك، في كتابه "أسرار شائعة"، وترجم العديد من التعليقات التي نشرها في وسائل الإعلام "الاسرائيلية" ضباط كبار في الجيش في أوائل تسعينات القرن الماضي، يؤيدون فيها قيام الجيش "الاسرائيلي" بدور اقليمي.
ويقول المؤلف، "ان ذلك يعني ان دور "اسرائيل" هو فرض الإملاءات على الدول في المنطقة وترويعها بتهديدات المعاقبة، بحيث لا تجرؤ على الخروج عن الخط. وقد اشتملت الخطوط الحمر التي لا تسمح "اسرائيل" بتجاوزها، حدوث ثورات سواء كانت عسكرية او شعبية، مما قد يحمل الى سدة الحكم في الدول المعنية، عناصر متعصبة ومتطرفة. ونتيجة لذلك، يمتد نفوذ "اسرائيل" ليتجاوز جيرانها المباشرين، ويتعداهم الى جميع الدول في منطقتنا".
وبحماية الأنظمة التي يعتمد عليها في الشرق الأوسط، قدمت "اسرائيل" خدمة حيوية للدول المتقدمة صناعياً، التي تتوق جميعها الى ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط.
وقد شكل مبدأ شارون أساس التعليقات التي صدرت في ديسمبر/ كانون الأول ،2001 بُعيْد هجمات 11/9 على الولايات المتحدة، عن مستشار الأمن القومي "الاسرائيلي" الجنرال عوزي دايان، ورئيس جهاز الموساد افرايم هليفي. فقد قال كلاهما في مؤتمر هرتزليا ذلك العام، ان هجمات 11/9 كانت معجزة الهية، أتاحت ل "اسرائيل" فرصة لتحييد ومعاقبة أعدائها. 
وتحدّث هاليفي عن وشوك وقوع حرب عالمية تختلف عن كل سابقاتها وظهور مفهوم بعد 11/9 يجمع "كل عناصر الارهاب الاسلامي في صيغة واضحة ومميزة واحدة"، مما يخلق ورطة أصلية لكل حاكم ولكل دولة في منطقتنا. ويجب على كل واحد ان يبلغ لحظة الحقيقة ويقرر كيف يحدد موقعه في تلك الحملة".
وفي هذه الأثناء حدد دايان الأهداف، بعد أفغانستان، للمرحلة القادمة من الحملة الاقليمية، وهي "مثلث ايران، العراق، وسوريا"، وجميع مؤيدي الارهاب القدامى، الذين يطورون أسلحة دمار شامل". وقال: "يجب مواجهة هذه الدول في أسرع وقت ممكن، وهذا مفهوم أيضاً في الولايات المتحدة. وهنالك أسباب حقيقية تدعو حزب الله وسوريا الى القلق بشأن التطورات في هذه الحملة، ويصح ذلك أيضاً على المنظمات والدول الأخرى".
ويقول المؤلف معقباً على ذلك، ان هذا الأمر لم يكن ليكتسب أهمية حاسمة لولا ان سياسة "اسرائيل" إزاء جيرانها العرب تتقرر منذ عقود طويلة من قبل الجيش، لا من قبل الحكومة. وهذا هو ما قاله الجنرال مالكا، وهو رئيس سابق للاستخبارات العسكرية، للجنة فينوغراد في أوائل سنة 2007.
وفي سنة 2001 طرح مصدر في الكونجرس الأمريكي تقديرات مماثلة، حيث قال ان الحكومات "الاسرائيلية" جميعاً كانت تمنح اقتراحات الجيش "قدراً عظيماً من الاهتمام" لأن الجيش يمثل "الحكومة الدائمة". وقد أعطى المعلق العسكري "الاسرائيلي" أمير اورن الرأي ذاته لصحيفة هآرتس، حيث قال "في السنوات الست الماضية، منذ اكتوبر / تشرين الأول ،1995 كان هنالك خمسة رؤساء وزارات وستة وزراء دفاع، واثنان فقط من رؤساء الأركان".
وكان الصحافي جاي بيكور أكثر صراحة حين كتب في صحيفة يديعوت احرونوت، "ان الحكومة وصناع القرار، والكنيست، والصحافة، ومكتب المدعي العام الحكومي وغير ذلك من المؤسسات المدنية والاقتصادية، يأتمرون بأمر الجيش. ولا نقول انه لا توجد استثناءات لذلك، ولكنها تظل استثناءات".
ولكن شلومو جازيت يذكر كذلك ان قيمة دور الجيش "الاسرائيلي" بالنسبة الى الولايات المتحدة قد تضاءلت في تسعينات القرن الماضي في أعقاب سقوط الامبراطورية السوفييتية. وكان ذلك واضحاً، كما قال أثناء حرب الخليج ،1991 عندما تمّ استبعاد "اسرائيل" عن المشاركة لأن الدول العربية "ما كانت لتقبل المشاركة في أي تحالف عسكري أو أمني، إذا شاركت "اسرائيل" فيه". ويتساءل جازيت، "إذن ما هو الرصيد الاستراتيجي الذي تشكله "اسرائيل" للولايات المتحدة في مثل هذه الظروف؟".
ويجيب قائلاً ان "اسرائيل" ما تزال تخدم غرضاً حيوياً لأنها ملأت الفراغ الذي خلفه زوال الاتحاد السوفييتي، عندما "خسر عدد من الدول العربية، راعيهم الذي يضمن صلاحيتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية". وقد أدى ذلك، حسب رأي جازيت إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة، مما يعني أن دور "اسرائيل" كضامنة للنظام الاقليمي قد ارتفع الى المرتبة الأولى.
ويمضي المؤلف قائلاً، عندما اقترح شارون قبل عقد من ذلك الوقت، مبدأه لإقامة امبراطورية "اسرائيلية" - وإن تكن معتمدة على الولايات المتحدة - كان يفكر بدورها في عالم ثنائي القطب تواجه فيه الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي. وقد ورد في خطابه المذكور: "أعتقد أن التعاون الاستراتيجي بين "اسرائيل" والولايات المتحدة والدول الأخرى الموالية للغرب في هذه المنطقة وعلى رأسها مصر، التي تطور "اسرائيل" معها الآن نظام علاقات، تمت المصادقة عليه بمعاهدة سلام (اتفاقية كامب ديفيد سنة 1978).. هذا التعاون هو الطريقة الواقعية الوحيدة لمنع المزيد من المؤامرات السوفييتية".
ويقول المؤلف، كان دور "اسرائيل" الحفاظ على النظام في الشرق الأوسط، وهو النظام الذي يفيد راعيتها، الولايات المتحدة، ضد النفوذ السوفييتي المفرط في المنطقة.
ولكن، بعد انهيار الامبراطورية السوفييتية، كان ثمة حاجة الى مجموعة جديدة من "المؤامرات" من أجل تبرير هذه الفلسفة. وسرعان ما أدرك اليسار واليمين "الاسرائيليان" الحاجة الى إجراء تحول في نهجيهما. 
وفي سنة ،1994 بعد شهور من إشاعة صمويل هنتنجتون لمصطلح "صدام الحضارات"، أولاً ضمن مقالة نشرها في مجلة الشؤون الخارجية، ثم في كتاب رائج، بدأ رابين وبيريز، وباراك استخدام المصطلحات ذاتها، مدعين أن الغرب والإسلام محكوم عليهما بأن يظلاّ في حالة مواجهة دائمة. 
وبعد 11/،9 وكما توقع هاليفي ودايان في مؤتمر هرتزليا سنة ،2001 كان الجمهور الأمريكي والمؤسسة السياسية الأمريكية مستعدين للتسليم بالحاجة الى حرب ضد التطرف الاسلامي. وأصبح بالإمكان الآن، طرح فهم "اسرائيل" لمكانتها في الشرق الأوسط، باعتبارها مخفراً متقدماً للحضارة اليهودية المسيحية، محاطاً ببحر من البرابرة المسلمين- في عالم ما بعد 11/9 - باعتبار ذلك الفهم عموداً أساسياً من أعمدة حرب الولايات المتحدة على الإرهاب.
تفتيت العالم العربي دينياً وإثنياً هدف “إسرائيلي” منذ الثمانينات
طرحت “ إسرائيل ” نفسها إذن كمركز للحضارة اليهودية المسيحية محاط ببحر من البرابرة المسلمين . وأصبح بوسع هذا التصور بعد أحداث 11/9 أن يكون أحد الأركان المهمة التي تقوم عليها حرب أمريكا ضد الإرهاب .
هدم الشرق الأوسط
ولكن المؤلف يرى ان سقوط الامبراطورية السوفييتية، خلّف أثراً أهم ، وأقل وضوحاً، على تطور فكر الجيش “ الإسرائيلي ” . فلم يكن تصور شارون ل” إسرائيل ” كامبراطورية في الشرق الأوسط ، هو التصور الوحيد الذي تتداوله المؤسسة الأمنية “ الإسرائيلية ” في أوائل الثمانينات من القرن الماضي . 
فقد اقتُرحت خطة أكثر طموحاً وأبعد مدى للمنطقة ضمن مقالة نشرتها المنظمة الصهيونية العالمية باللغة العبرية في فبراير/ شباط ،1982 وقد كتبها الصحافي “ الإسرائيلي ” اودين يينون . وكان من كبار المسؤولين في وزارة الشؤون الخارجية ، مما يعني أنه كان يتمتع بعلاقات وثيقة بجهاز الاستخبارات “ الإسرائيلي ” ، الموساد . 
وفي هذه المقالة التي تحمل عنوان “ استراتيجية ل” إسرائيل ” في الثمانينات ” دافع يينون عن تحويل “ إسرائيل ” الى قوة اقليمية امبراطورية ، منسجمة إلى حدٍّ كبير مع الخط الذي طرحه مبدأ شارون ، ولكنه أضاف هدفاً آخر ، وهو تفتيت العالم العربي الى فسيفساء من الجماعات الاثنية والدينية المتناحرة ، التي يمكن التلاعب بها بسهولة من أجل خدمة المصالح “ الإسرائيلية ” . 
وكان توقيت نشر المقالة ، مهماً أيضاً، إذ جاء بعد اغتيال الرئيس أنور السادات بشهور قليلة ، وقبل أسابيع من موعد إعادة سيناء الى مصر ، كما لاحظ الدكتور حسن نافعة ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة . 
وينفق يينون شطراً من المقالة في معارضة الانسحاب من سيناء ، واعتباره خطأ ، نظراً الى ما تحويه شبه الجزيرة من احتياطيات النفط والغاز ، التي يمكن أن تستخدم لتقوية النظام المصري ، الذي كان في رأيه على شفا الانهيار . 
وينبغي على “ إسرائيل ” بدلاً من الانسحاب من سيناء ، كما قال يينون ، أن تفضح مصر وتبين أنها “ نمر من ورق ” ، وتحرمها من الموارد الاقتصادية ، وتزعزع استقرار دولتها ببذر بذور الشقاق بين المسلمين والأقباط من مواطنيها . 
ويعتقد يينون أن وجود دويلة اسلامية في الشمال ، ودويلة مسيحية في الجنوب ، سيكون “ خير وسيلة لإضعاف الدولة المركزية في مصر ، وحرمان العالم العربي من الدولة الوحيدة التي تستطيع أن “ تجمع شمله ” . وبتهميش مصر ، يصبح بإمكان “ إسرائيل ” أن تفتت بقية الشرق الأوسط بسهولة نسبية ” .
وبعد ظهور مقالة يينون بشهور قليلة شن شارون غزوة على لبنان ، في محاولة مفضوحة لإضعاف جارة “ إسرائيل ” الشمالية ، وإقامة دولة مسيحية هناك .
وأشار يينون ، كما فعل هنتنجتون بعده بعشر سنوات تقريباً ، الى أن العالم يشهد تغيرات جوهرية ، و” انهيار النظام العالمي ”، إذْ إنّ نجاح الأنظمة الشمولية الشيوعية ، التي تحكم أكثر من “ ثلاثة أرباع ” سكان العالم ، قد أفرغ الأفكار مثل فكرة الحرية من مضمونها ، على حدّ قوله .
وبناء على ذلك ، فإن العملية السائدة هي انهيار الرؤية الانسانية العقلانية ، التي كانت محور حياة وازدهار الحضارة الغربية منذ عصر النهضة . وهكذا ، فإن التهديد المركزي الذي يواجه “ إسرائيل ” والعالم الغربي واضح ، وان “ قوة وحجم ودقة ونوعية الأسلحة النووية وغير النووية ، سوف تطيح بمعظم دول العالم خلال سنوات قليلة ” .
ونحن ندخل عهداً من الإرهاب ، و” إسرائيل ” بالذات سوف تواجه تنطعاً للقتال من جانب جيرانها العرب ، على حدّ زعم يينون . 
وفي تشخيصه للأزمة ووصفته العلاجية لها ، ذكر يينون ، باستفاضة ومبالغة ، الحقائق التي كانت القوى الأوروبية الاستعمارية ، تعرفها جيداً عندما أنشأت الدول القومية في الشرق الأوسط ، بما يخدم مصالحها . وكانت إحدى الاستراتيجيات لضمان إبقاء حكومة كل من تلك الدول معتمدةً على سيدها الاستعماري ، حتى بعد استقلالها الاسمي ، تتمثل في تنصيب زعيم احدى الأقليات السكانية لتسيير النظام . 
ونتيجة لذلك، “ فإن العالم العربي الاسلامي مبني مثل “ برج مؤقت من بطاقات ورق اللعب ” أنشأه الأجانب ( الفرنسيون والبريطانيون في عشرينات القرن الماضي ) دون ان يأخذوا في الاعتبار إرادة سكانه ورغباتهم . وهو مقسم الى 19 دولة تتألف من فئات من الأقليات التي يعادي بعضها بعضاً ، بحيث ان الإطار الاثني الاجتماعي لكل من الدول العربية الاسلامية يمكن ان يتحطم الى درجة الحرب الأهلية التي توجد في بعضها فعلاً ” . 
وكتب يينون ان هذا النموذج بادٍ للعيان في دول المنطقة ، وأنّ معظم هذه الدول تعاني مصاعب مالية خطيرة . . ويمكن تفتيتها بسهولة بالغة . 
وكتب يقول : ان التفسخ التام في لبنان إلى خمس حكومات محلية اقليمية يشكل سابقة لكل العالم العربي بما فيه مصر ، وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية ، بطريقة مماثلة . ويشكل تفتيت مصر ، والعراق من بعدها ، الى مناطق ذات أقليات اثنية ودينية على غرار لبنان ، الهدف “ الإسرائيلي ” على المدى البعيد ، على الجبهة الشرقية . 
وإضعاف هذه الدول عسكرياً حالياً هو الهدف على المدى القريب . وسوف تتفتت سوريا الى دويلات عديدة وفق تركيبها الاثني والطائفي ، كما يحدث في لبنان اليوم . وفي النتيجة ستكون هنالك دولة شيعية علوية ، وستكون منطقة حلب دولة سنية ، ومنطقة دمشق دولة أخرى معادية للدولة الشمالية . . وتقسيم العراق أهم من تقسيم سوريا . 
فالعراق أقوى من سوريا ، وتشكل قوة العراق على المدى البعيد الخطر الأكبر على “ إسرائيل ” . . ويمكن تقسيم العراق على أسس اقليمية وطائفية على غرار سوريا في العهد العثماني . وستكون هنالك ثلاث دول حول المدن الرئيسية الثلاث: البصرة، وبغداد والموصل، بينما ستكون المناطق الشيعية في الجنوب منفصلة عن الشمال السني الكردي في معظمه ” . 
ويقول مؤلف الكتاب إن نهج يينون له أسبقيات قديمة في واقع الأمر . فقد كان المستعمرون الأوروبيون من القرن التاسع عشر فصاعداً يرون الشرق الأوسط فسيفساء من الفئات الاثنية والقبلية والدينية . وانطلاقاً من هذا التقليد ، كان الصهاينة الأوائل يعتقدون انه من أجل تأمين وضع الدولة اليهودية في المنطقة ، فإن من مصلحتهم إضعاف عدوهم الرئيسي ، وهو القومية العربية ، بل استئصال شأفته .
ويذكر مايكل بار زوهار في كتابه عن السيرة الذاتية الرسمية لديفيد بن غوريون ، تعليقات رئيس الوزراء “ الإسرائيلي ” سنة ،1956 أثناء الحشد لحرب السويس . فعندما التقى بن غوريون المسؤولين الفرنسيين لمناقشة غزو “ إسرائيل ” لشبه جزيرة سيناء الذي اقترحه البريطانيون ، شرح تفاصيل خطة كان يأمل في أن تلقى الدعم من مضيفيه الفرنسيين . 
وتقوم على “ إزالة الرئيس المصري جمال عبد الناصر ، قبل كل شيء ” . وبعد ذلك ، كما يقول بار زوهار ، تحدّث بن غوريون عن تقسيم الأردن ، وإعطاء الضفة الغربية ل ” إسرائيل ”، والضفة الشرقية للعراق . 
كما يجري تحريك الحدود مع لبنان ، حيث يذهب جزء من لبنان لسوريا ، ويذهب جزء آخر ، حتى نهر الليطاني ، ل “ إسرائيل ”، أما المناطق المتبقية فتصبح دولة مسيحية وبصرف النظر عن ذلك ، حسبما يقول المؤرخ “ الإسرائيلي ” ، آفي شليم ، توحي سلسلة من المواد حول الموضوع في مذكرات بن غوريون ، بأنه كان “ بالغ الجدية والصدق فيما يقول ” . 
وحسبما ذكر شليم ، كان بن غوريون ، يعتقد بأن “ دولة مسيحية في لبنان سوف تعقد سلاماً مع “ إسرائيل ” ، من تلقاء نفسها ، وانه سوف يسمح للعراق بالاستيلاء على الضفة الشرقية لنهر الاردن شريطة ان يعقد سلاماً مع “ إسرائيل ”، وان هزيمة مصر، واذلالها واحتلالها ، سوف يجبرها على صنع السلام بشروط “ إسرائيل ” . 
تطويق الدول العربية
وينقل المؤلف عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت ، في الضفة الغربية ، صالح عبد الجواد ، وهو أحد المتخصصين الفلسطينيين القليلين في دراسة الحركة الصهيونية ، قوله ان بن غوريون ، كان قد وضع نظريتين تكميليتين بشأن كيفية تقويض القومية العربية : “ نظرية التحالف مع الدول المحيطة ”، وتتطلب قيام الدولة اليهودية بعقد تحالفات مع الدول الأخرى المعارضة للقومية العربية في الشرق وفي الغرب ، من أجل خلق صراع دموي بيْن” نا ” وبين” هم ” ، صار يُعرف فيما بعد باسم صراع الحضارات ، بينما تتطلب “ نظرية التدعيم ” أن تنشئ الدولة اليهودية طوقاً من الدول المعادية حول الدول العربية بإقامة علاقات استراتيجية مع تركيا ، والدول الافريقية مثل اثيوبيا ، وايران ( قبل ثورة 1979) والهند . 
وكتب عبد الجواد: “ انطلاقاً من ذلك ، دأبت “ إسرائيل ” على دعم الحركات الانفصالية في السودان ، والعراق ومصر ولبنان ، وأي حركات انفصالية في العالم العربي الذي تعتبره “ إسرائيل ” عدواً ” .
ويذكر بار زوهار أن محاولات بن غوريون الدؤوبة لإقناع الولايات المتحدة بفوائد إقامة تحالف سري بين “ إسرائيل ” ، والدول المحيطة بالعالم العربي ، ايران وتركيا واثيوبيا في أواخر خمسينات القرن الماضي ، قد ظفرت بالتأييد في نهاية المطاف أواخر سنة ،1958 ويضيف بار زوهار ، قائلاً : بمنتهى السرية ، ولدت منظمة تشبه الشبح ، وامتدت حتى شكلت طوقاً حول الشرق الأوسط .
وليس وصفها بألفاظ مثل “ السرية ” و” الشبح ” من قبيل المبالغة . ففي بضع سنين ، قامت “ إسرائيل ” بنشاط مكثف في أرجاء الشرق الأوسط تحت غطاء من السرية التامة وباستخدام طرق مختلفة للتمويه، كالسفر بأسماء مستعارة، وباتباع مسارات غير مباشرة ، ظلت وفود بن غوريون تطير ليلاً الى عواصم حلفاء “ إسرائيل ” الجدد ” .
وكما يقول بار زوهار ، أدرك بن غوريون ان هذا التحالف يمكن ان يضع “ إسرائيل ” في قلب خطط امريكا للشرق الأوسط . فلم “ تعد “ إسرائيل ” بلداً صغيراً منعزلاً ، بل الرائد وحلقة الوصل بين مجموعة من الدول . . التي يتجاوز عدد سكانها مجموع عدد سكان الدول العربية ” .
أما في ما يتعلق بالعراق وايران ، فهنالك تاريخ طويل من تدخل الموساد الخفي ، الذي يعود الى عشرات السنين الماضية . وعلى سبيل المثال ، بدأت السلطات اليهودية قبل قيام دولة “ إسرائيل ” تطوير علاقات مع الأكراد في العراق منذ عشرينات القرن الماضي.
يقول عبد الجواد: “ بنهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي ، أصبحت “ إسرائيل ” المصدر الرئيسي للأسلحة والتدريب العسكري للأكراد في قتالهم ضد العراق. 
ورغم ان التفاصيل الكاملة لم تكشف بعد، إلاّ أن الألوف من عملاء الموساد وأفراد الجيش “الإسرائيلي” كانوا يتمركزون في أرجاء شمال العراق تحت أغطية مختلفة (مستشارين عسكريين، وخبراء زراعيين، ومدربين ، وأطباء) .
وقد لوحظت هذه الممارسة مرة أخرى بعد الغزو الأمريكي للعراق ، عندما أشارت تقارير الصحافي سيمور هيرش وغيره الى وجود عملاء “ إسرائيليين ” في المناطق الكردية .
وبالمثل يمكن رؤية تدخل الموساد العميق في ايران منذ خمسينات القرن الماضي . وقد تشكلت بداية علاقة “ إسرائيل ” مع الشاه ، عندما عمل جهاز الموساد ، بالتنسيق مع المخابرات البريطانية والأمريكية ، على إسقاط الزعيم الإيراني المنتخب ديمقراطياً ، محمد مصدق ، سنة 1953 . . . وقد مكنت العلاقة التي أقيمت مع الشاه ، إيران من أن تصبح المستورد الرئيسي للمنتوجات “ الإسرائيلية ” حتى ظهور الثورة الاسلامية. 
كما لعبت “ إسرائيل ” دوراً في تدريب السافاك ، جهاز الاستخبارات الإيراني الوحشي الذي كان يحمي الشاه .
الطرد بعد التفتيت
يقول المؤلف إن خطة يينون ، مثلما خطة شارون ، قد تجاوزها الزمن ، حيث كانت المخاوف التي تنطلق منها مرتبطة بالوقت الذي ظهرت فيه . 
وكان يينون قلقاً من الخطر الذي يشكله الاتحاد السوفييتي ، رغم ان مخاوف الحرب الباردة كان يمكن ترجمتها بسهولة في التسعينات الى مخاوف من العالم الاسلامي ، كما فعل المحافظون الجدد . ولكن الأهم هو أن يينون كان يفكر بتفتيت دول الشرق الأوسط كمقدمة لقيام “ إسرائيل ” بطرد الفلسطينيين من داخل الدولة العبرية ، ومن المناطق الفلسطينية المحتلة بحيث يتسنى ضم ما تبقى من أجزاء فلسطين التاريخية الى “ إسرائيل ” . 
ويمكن تفسير اهتمامه بالاستيلاء على سيناء من مصر ، حسبما يقول حسن نافعة ، بأنه للحصول على مساحة للفلسطينيين خارج حدود “ إسرائيل ” الكبرى . 
ولا يبوح يينون بهذه النقطة بصراحة ، ولكن كما يقول نافعة : فإن سيناء تشكل مساحة يمكن استغلالها لاستيعاب النمو السكاني بين فلسطينيي غزة ، أو حتى تقديم حل دائم لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين .
ولكن يينون أكثر صراحة بشأن الرغبة في تدمير النظام الأردني لخلق إمكانيات جديدة لتوطين الفلسطينيين من الضفة الغربية . ويقول في هذا الصدد : ينبغي ان تكون سياسة “ إسرائيل” في الحرب والسلم تحقيق القضاء على الأردن ونظامه الحالي ، وتسليمه للأغلبية الفلسطينية . 
ويقول مؤلف الكتاب ، ان إعادة تشكيل الشرق الأوسط وتذويب وتفتيت دوله العربية والإسلامية الرئيسية سوف لا يضمن همينة “ إسرائيل ” على المنطقة وحسب ، بل ويضمن حق “ إسرائيل ” غير المنازع في مواصلة عملية زحف التطهير العرقي للمناطق الفلسطينية المحتلة . 
بدلاً من ان تكون حجة يينون انبتاتاً جذرياً عن التفكير العسكري “ الإسرائيلي ”، قامت على مبدأين ثابتين . الأول ، ان فكرة طرد الفلسطينيين الى الأردن ، كانت منذ حرب ،1967 وفي أوقات مختلفة ، تلقى التأييد والترويج لها من قبل معظم الزعماء “ الإسرائيليين ” ، بمن فيهم ارييل شارون .
وكان النقاش يدور حول أنجع السبل لتحقيق مثل هذه النتيجة ، لا حول مدى الرغبة فيها . والثاني ، ان نقاشات واسعة كانت تجري في أوساط قيادة الجيش “ الإسرائيلي ”، منذ بعض الوقت ، بشأن تفتيت الدول العربية الى دويلات متناحرة .
وفي أوائل ثمانينات القرن الماضي ، كتب زئيف شيف ، المراسل العسكري لصحيفة هآرتس ، وأوسع المعلقين اطّلاعاً على الفكر العسكري “ الإسرائيلي ” ، أنّ المصالح “ الإسرائيلية ”، سوف تُخدَم على “ أفضل ” وجه ب” تفتيت العراق الى دولة شيعية ، ودولة سنية ، وفصل الجزء الكردي ” .
المناطق المحتلة . . مختبراً للتجارب
وقد أتيحت ل “ إسرائيل ” فرصة اختبار نظرية تفتيت الدول داخليّاً ، وبيع هذه النظرية لذوي النفوذ المتعاطفين ، بمن فيهم المحافظون الجدد في الولايات المتحدة ، وذلك باختبار المبادئ على نطاق ضيق داخل المناطق الفلسطينية المحتلة .
وكانت الضفة الغربية وقطاع غزة أفضل مختبرين لهذه الأفكار، كما أثبتا أنهما المكان المفيد لاختبار تكتيكات حرب المدن ، وتكنولوجيا الأسلحة الجديدة وتقنيات السيطرة على الجماهير ، وهي الدروس التي تم الإفادة منها فيما بعد من قبل القوات الأمريكية في محاربة متمردي العراق . 
وفي حقيقة الأمر ، ازدهرت المشاريع “ الإسرائيلية ” على حساب الفوضى المتفشية في الشرق الأوسط ، حيث تصدر “ إسرائيل ” الى أمريكا التكنولوجيا العسكرية التي طورتها ، والخبرة التي اكتسبتها من السيطرة على الفلسطينيين في المناطق المحتلة . 
وفي غضون سبع سنوات ، ضاعفت “ إسرائيل ” بأكثر من أربع مرات مبيعاتها من “ا لمنتجات الأمنية ” الى الولايات المتحدة ، وفي سنة 2006 بلغت صادراتها الدفاعية 4 .3 مليار دولار ، مما جعل “ إسرائيل ” رابعة كبرى الدول في عقد صفقات الأسلحة في العالم ، متجاوزة بريطانيا في ذلك . 
وكانت وزارة الداخلية الأمريكية أحد أهم الأسواق التي تعتمد عليها “إسرائيل”، حيث تشتري الأسيجة العالية التقنية، والطائرات بدون طيارين، وأجهزة التحقق البيولوجي من الهوية ، وأجهزة المراقبة بالصوت والصورة ، وتسجيل المعلومات عن المسافرين ، وأنظمة التحقيق مع السجناء .
انتهاء نموذج الرجل القوي
يقول المؤلف ، ان “ إسرائيل ” ، انطلاقاً من الدروس التي تعلمتها في مختبرات غزة والضفة الغربية ، توصلت إلى أنها تستطيع ان تتخلى عن السياسات التي أوجدتها القوى الاستعمارية الأوروبية في الشرق الأوسط ، التي دأبت على تنصيب رجل قوي موالٍ لها ، بينما تبقيه ضعيفاً بما يكفي لاعتماده على دعم رعاته الغربيين .
ويمكن فعل ذلك بإثارة الفتن والمنازعات الاثنية والطائفية في المناطق التي يحكمها . ومن هنا آثرت بريطانيا وفرنسا إقامة “ دول قومية ” في المنطقة ، تضم كل منها مناطق يغلب عليها طابع اثني أو طائفي معين يمكن ، إذكاء نار الفتنة فيما بينها فيما بعد ، ومن ثم التدخل لحفظ النظام فيها ، وحماية الرجل القوي الذي نصّبته القوى الاستعمارية .
ولكن “ إسرائيل ” لم تكن لتفيد كثيراً من هذا النموذج ، حيث لا توجد خلافات اثنية وطائفية تُذكر في فلسطين ، حيث ساهم في القضاء عليها ، الشعور الوطني الفلسطيني الذي عززه العدوان “ الإسرائيلي ”، والنهم الصهيوني لابتلاع الأراضي . 
والدرس الذي تعلمه قادة “ إسرائيل” من احتلالهم الضفة الغربية وغزة ، أو ظنّوا أنهم أفادوه ، هو أن أشد السبل فاعلية لإضعاف الحس الوطني الفلسطيني والحفاظ على السيطرة على المناطق المحتلة ، هو شق صفوف الفلسطينيين ونشر الوقيعة فيما بينهم . 
وكون “ إسرائيل ” حققت ذلك على الرغم من تماسك المجتمع الفلسطيني ، جعلها واثقة من أن هذه الدروس يمكن تطبيقها على بقية أنحاء الشرق الأوسط ، وبنجاح أكبر .
ومن هنا، خططت الولايات المتحدة و” إسرائيل ” لتفتيت المنطقة والزج بها في أتون النزاعات والحروب الأهلية كلما كان إلى ذلك سبيل .
ويبرهن المؤلف بالوثائق والشواهد ، على ان الولايات المتحدة كانت على علم تام بما سيعقُب احتلال العراق من فوضى ونزاعات داخلية .
ويقول، ان “ إسرائيل ” والمحافظين الجدد كانوا يعلمون منذ البداية ان غزو العراق والإطاحة بحاكمه المستب د، سوف يطلقان العنف الطائفي من عقاله ، وعلى نطاق لم يسبق له مثيل ، وقد كانوا يرغبون في هذه النتيجة . 
وعلى سبيل المثال ، ينقل المؤلف بعض ما ورد في ورقة سياسية أعدها مهندسو غزو العراق ، ديفيد وورمسر ، وريتشارد بيرل ، ودوغلاس فيث ، أواخر سنة ،1996 والتي قالوا فيها : “ بعد إسقاط صدام حسين ، سوف يتفسخ العراق بفعل سياسات زعماء الحرب ، والعشائر ، والعصابات ، والطوائف ، والعائلات الرئيسية ” . 
نموذج للمنطقة ؟
يورد المؤلف قول المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط ، كريس تونسينج ، قوله ،” ان الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، جمهورية كانت أو ديمقراطية ، ظلت على مدى عقود، تمارس ثلاثة أهداف أساسية في المنطقة ، وهي: ضمان أمن “ إسرائيل ”، وتدفق النفط الرخيص غرباً ، واستقرار الأنظمة المتعاونة ” .
ويتساءل المؤلف : هل تغيرت هذه السياسة ؟ ويضيف ان كوندوليزا رايس ، وزيرة الخارجية الأمريكية ، وفي كلمة ألقتها في الجامعة الأمريكية في القاهرة في صيف ،2005 قد أجابت عن هذا السؤال ، حيث قالت : “ على مدى 60 سنة ظلت بلادي ، تسعى الى تحقيق الاستقرار على حساب الديمقراطية في المنطقة هنا في الشرق الأوسط ولم نحقق اياً منهما . 
والآن ها نحن نتخذ مساراً مختلفاً ” . ويتابع المؤلف قائلاً، في لغة واشنطن الجديدة ، يجري استبدال الاستقرار الاقليمي بسلسلة من الثورات الديمقراطية .
وتلك هي الرسالة المطلوب نشرها لإضفاء الشرعية على الأهداف التي يسعى اليها بوش من حربه على الإرهاب ، أمّا نتيجة إنهاء الاستقرار المفروض في الشرق الأوسط ، فقد كانت معروفة ومتوقعة ، وهي الحرب الأهلية والعنف الطائفي . . وتمزيق البلاد ، كما هي الحال في العراق ، التي تطمح واشنطن وتل أبيب الى تعميمها لتصبح نموذج التغيير في المنطقة .