2‏/4‏/2017

التربية على ضوء القران والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم
التربية على ضوء القران والسنة
يعتبر القرآن هو كلام الله المنزل على النبي محمد J المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز بأقصر  بسورة منه من سورة الفاتحة إلى سورة الناس هو كلام الله تعالى المنزل بلفظه ومعناه والمنقول إلينا بالتواتر[1].
فقد أستعمل القرآن الكريم عدة وسائل لتثبيت العقيدة الصحيحة وتصحيح الانحرافات التي تصيب عقائد الناس ، ومن أهم هذه الوسائل الأساليب هي إثارة العقل.
أي أن الله تعالى في القرآن يُنبه الإنسان إلى كثير من مظاهر قدرة الله تعالى في هذا الكون آمرا إياه بأن يتدبر هذه المظاهر ليدرك بعد ذلك أن لهذا الكون خالقا ، رازقا ، مدبر لشؤون الخلق.
وكذلك إثارة الوجدان فيثير القرآن الكريم عاطفة الإنسان ليتفطن لحقيقة الربوبية أي يدرك قدرة الله وعلمه الشامل ويتفاعل مع ذلك.
والتذكير بقدرة الله ومراقبته فيذكر الله تعالى في القرآن أن الله على كل شيء قدير كإحياء الموتى وإنزال الغيث وأن الله يعلم كل ما يفعله الإنسان من خير أو شرٍّ ثم يُجازيه على ذلك يوم القيامة، فيستحي الإنسان من معصية الله تعالى.
وكذلك رسم الصور المحببة للمؤمنين من ذكر لصفاتهم الحسنة وما ينالون من جزاء وأجر يوم القيامة.
ويكون الإنسان في حالة طبيعية من الطمأنينة والراحة النفسية ، لا يعاني من الاضطراب والقلق وهي بما تسمى الصحة النفسية.
وكيف يحقق القرآن الصحة النفسية حتى يكون الإنسان سويا نفسيا فإن القرآن الكريم أرشد البشر إلى ما يحقق ذلك في حياتهم وأهم هذه الأشياء هي كما يلي:-
• قوة الصلة بالله تعالى: من صلاة وقراءة القرآن وذكر الله تعالى ومختلف الطاعات التي تجعل العبد قريبا من الله تعالى.
• الصبر عند الشدائد: فقد ربّى القرآن الكريم المؤمنين على الصبر عند المصائب ورتب على ذلك الأجر كما أثنى القرآن الكريم على الصابرين.
• التزكية والأخلاق: أمر القرآن الكريم بكثير من الأخلاق والمثل العليا التي تجعل الإنسان محبوبا عند الله وعند الناس وبذلك يسعد الإنسان ويعيش مطمئنا.
• التفاؤل وعدم اليأس: التفاؤل يجعل المؤمن دائما مرتاحا ، ولقد حرم الله تعالى في القرآن اليأس لأنه يجعل الإنسان يعيش في اضطراب وضيق ونكد. وهي أن يعيش الإنسان سليما معافى في بدنه ، غير مريض ولا يعاني من أي عاهة من العاهات.
وعناية القرآن بالصحة الجسمية: لقد اعتنى القرآن بالصحية الجسمية بتشريعه لتعاليم واضحة للمحافظة عليها ، وأهم هذه التعاليم هي:
• تحريم الاعتداء على جسم الإنسان كله أو بعضه: وترتيب العقوبات على ذلك.
• الإعفاء من بعض الفروض والواجبات: إذا كانت تؤثر على صحة الإنسان أو تؤخِّرُ شفاءه.
• الوقاية من الأمراض: بتشريع الطهارة والوضوء، النهي عن الإكثار من الأكل والشرب (الإسراف).
• تحريم كل ما يهلك النفس البشرية: من خمر وزنا ولحم خنزير، وتحريم الانتحار.
• تنمية القوة وتوفير الصحة بمفهومها الحديث: الرياضة.
الف : معاني وجوانب التربية في اللغة والاصطلاح
1 - تعريف التربية في اللغة :
تعددت دلالات كلمة التربية في معاجم اللغة العربية وتنوعت، إلا أنها تشير  في معظمها إلى عدة أصول لغوية يمكن بالإطلاع عليها تحديد المعنى اللغوي للتربية، ويمكن إجمالها في خمسة تعاريف وهي:
التعريف الأول: ربا يربو بمعنى زاد ونما ، ومنه قوله تعالى ] وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ[[2].
التعريف الثاني : هو أن تكون بمعنى نشأ وترعرع[3].
التعريف الثالث: هو أن تكون بمعنى حفظ ورعى[4].
التعريف الرابع : أن تكون بمعنى أصلح وأسس، ومنه ربيت القوم أي أسستهم والعرب تقول :لأن يربيني فلان أحب إلي من أن يربيني فلان، بمعنى أن يكون فوقي وسيدا يملكني.
التعريف الخامس: هو الرسوخ في العلم ومنه العالم الرباني أي الراسخ في العلم[5].
ويتضح مما سبق أن التعريفات اللغوية تدور حول الرعاية والمحافظة والسياسة والعلم والتنمية والزيادة والنشأة والترعرع.
2 -  التربية في الاصطلاح:
وردت تعار يف متنوعة للإعراب عن معنى التربية، ومن الملاحظ أن سبب الاختلاف في التعاريف راجع لتركيز صاحب كل تعريف على جانب من الجوانب الداخلة تحت المفهوم العام للتربية.
فنجد من يعرفها على أساس النمو الجسدي، أو العقلي، أو النفسي[6].
ومنهم من يعرفها على أساس النتائج المتوقعة من العملية التربوية.
ومنهم من يعرفها بربطها بالفلسفة فيسميها فلسفة التربية أو علم النفس التربوي[7].
ومنهم من يركز على التطور الفكري فيعرفها على أنها الفكر التربوي[8].
3 - تعرّيف التربية باعتبار النمو:
ومن معاني التربية من جوانب متعددة هي تنمية الوظائف الجسمية والعقلية والخلقية حتى تبلغ كمالها عن طريق التدريب والتثقيف[9].
4 - تعريف التربية لدى علماء التربية الحديثة:
 ومن معاني التربية من جوانب متعددة هي نمو الكائن البشري من خلال الخبرة المكتسبة من مواقف الحياة المتنوعة.
ويقصد بالنمو اكتساب خبرات جديدة متصلة ومرتبطة ارتباطًا معينًا لتكون نمطًا خاصًا بشخصية الفرد وتوجهه إلى المزيد من النمو ليتحقق بذلك أفضل توافق بين الفرد وبيئته[10].
ويمكن تعريفها من خلال ربطها بالفكر:
ومن معاني التربية من جوانب متعددة من انها المفاهيم التي يرتبط بعضها ببعض في إطار فكري واحد يستند إلى المبادئ والقيم التي أتى بها الإسلام.
والتي ترسم عدداً من الإجراءات والطرائق العملية يؤدي تنفيذها إلى أن يسلك الفرد سلوكاً يتفق مع عقيدة الإسلام[11].
5 - تعريف التربية من خلال ربطها بالفلسفة:
ومن معاني التربية من جوانب متعددة ما أبدعته عقول الفلاسفة والمربين عبر التاريخ فيما يخص مجال التعليم الإنساني، وتنمية الشخصية وشحذ قدرتها ويتضمن النظريات والمفاهيم والقيم والآراء التي وجهت عملية تربية الإنسان[12].
ومن الواضح أن الاختلاف في تعريف التربية اصطلاحًا إنما هو نابع من اختلاف الثقافات والمجتمعات، كما يختلف معنى التربية ومفهومها باختلاف ميادين الدراسة النفسية والاجتماعية والحضارية في نظرتها للفرد والمجتمع.
فأحياننا تفهم على أنها التعليم،ولكنها في الواقع تعني أكثر من ذلك ، أنها الوسيلة التي يحدث من خلالها التغير في السلوك.
وأحياننا تفهم على أنها نقل التراث رغم أن هذا المفهوم لا يعبر عن دور التربية الأساسي ، فدورها الفعال يتمثل في إثراء الخبرة  كأساس لنمو نظم اجتماعية جديدة تتلاءم مع تغير النظم الثقافية[13].
6 - تعريفها بربطها بالمفهوم الإسلامي:
       وختامًا لابد للمطلع من تعريفها ومن ثم ربطها بالمنظور الإسلامي؛ لأنه هو الأهم في مجال البحث ولا يمكن أن تحقق التربية غايتها إلا وفق قيم الإسلام ومفاهيمه البناءة.
ومن معاني التربية من جوانب متعددة يمكن تعريفها من خلال الربط بين مفهوم التربية ومفهوم الإسلام بأنها إحداث تغيير في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه من وجهة نظر الإسلام[14].
7 - تعريف جامع شامل:
ويمكن أن نأخذ تعريف لعله يكون جامع لكثير من المفاهيم التي جاءت في التعاريف السابقة وكذلك متضمن لمفاهيم أخرى هي مكملة لمصطلح التربية لمعاني التربية ومن جوانب متعددة. فالتربية هي: 
العملية المقصودة أو غير المقصودة التي اصطنعها المجتمع لتنشئة الأجيال الجديدة بطريقة تسمح بتنمية طاقاتهم وإمكانياتهم إلى أقصى درجة ممكنة.
في إطار ثقافي معين قوامه المناهج والاتجاهات والأفكار والنظم التي يحددها المجتمع الذي تنشأ فيه ، بما يجعلهم على وعي بوظائفهم في هذه المجتمع.
ودور كل منها في خدمته ، ونمط الشخصية التي يختارها، ونوع السلوك الذي يجب عليه أن يسلكه[15].


الهوامش


[1] - مناهل العرفان صفحة 15
[2] - سورة الروم 30 /39
[3] - ابن منظور ،لسان العرب 5/96
[4] - كتاب لسان العرب لابن منظرة ج5/96
[5] - أ.د.سعيد إسماعيل أ.د.محمد بن محجب أ.د.عبد الراضي إبراهيم التربية الإسلامية المفهومات والتطبيقات - مكتبة الرشد الطبعة الثالثة ص17.
[6] - وهم المعنيون بالتربية الجسدية والنفسية والروحية، وهو علم تطور مع تتابع الحضارات حتى بات في القرن السابع عشر علمًا ذا أسس واضحة تدعو إلى ضرورة تكوين عادات جديدة في الطفل تتفق وعاير الجماعة والعمل وقمع نوازع الطفل الطبيعية والتي لا تتماشى وتلك العادات.
ثم في القرن الثامن عشر دعت إلى إعطاء الطفل الحرية المطلقة وفي القرن العشرين تركز على أهمية العمل والنشاط في حياة الطفل خلال جميع مراحل نموه... كتاب الأسس النفسية من الطفولة إلى الشيخوخة للدكتور فؤاد البهي السيد.
[7] - وهو علم يدرس مدى فائدة تطبيق النظريات النفسية في مجال التربية والتعليم محمد آمين منصور، المقال الفلسفي في قراءة جديدة لمفردات علم النفس ص14.
[8] - ومن أظهر ما ألف في هذا المجال المؤلفات التي عنيت بتطور التربية في الحقب الزمنية المتتابعة مثل كتاب تطور الفكر التربوي للدكتور سعد مرسي، أو كتاب تطور الفكر التربوي عبر القرون للدكتور عماد محمد عطية ، أو العناية بالفكر التربوي عند شخصية محددة كالفكر التربوي عند أرسطو، أو الفكر التربوي عند ابن خلدون.
[9] - فاخر عاقل قاموس التربية - دار القلم ، بيروت ،1983ص27
[10] - محمد النجيحي مقدمة في فلسفة التربية مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة 1967م - ص117.
[11] - علي سعيد ومحمد الحامد وعبدالراضي محمد، التربية الإسلامية المفهومات والتطبيقات منشورات مكتبة الرشد الرياض ص6.
[12]- مصطفى زياد الفكر التربوي مدارسه واتجاهات تطوره مكتبة الرشد ،الرياض ص 24
[13]- الدكتور عماد محمد محمد عطية، تطور الفكر التربوي عبر القرون الطبعة الثانية دار الرشد ص20.
[14] - أمين أبولاوي أصول التربية الإسلامية دار ابن الجوزي الدمام ص18
[15]  - محمد سيف الدين فهمي، سليمان نسيم مبادئ التربية الصناعية المكتبة الأنجلو المصرية القاهرة ص4.