2‏/4‏/2017

موقف الإسلام رجعي من المرأة


بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الإسلام رجعي من المرأة

ولو قيل لك ألا توافقني أن الاسلام كان موقفه رجعي مع المرأة؟ مثل تعدد الزوجات وبقاء المرأة في البيت والحجاب والطلاق بيد الرجل والضرب والهجر في المضاجع وحكاية ما ملكت أيمانكم والرجال قوامون على النساء ونصيب الرجل المضاعف في الميراث وغيرها.

وللاجابة نبدأ من قبل للإسلام وأظنك تعرف أن الإسلام جاء على جاهلية , والبنت التي تولد نصيبها الوأد والدفن في الرمل , والرجل يتزوج العشرة والعشرين ويكره جواريه على البغاء ويقبض هو الثمن.
فكان ما جاء به اللإسلام من إباحة الزواج بأربع تقييدا وليس تعديدا. وكان إنقاذ للمرأة من العار والموت والاستعباد والمذلة.
وهل المرأة الآن في أوروبا هي أسعد حالا في هذا الإنحلال الشائع هناك وتعدد العشيقات الذي أصبح واقع الأمر في أغلب الزيجات أليس أكرم للمرأة أن تكون زوجة ثابتة لمن تحب.
لها حقوق الزوجة واحترامها من أن تكون عشيقة في السر تختلس من وراء الجدران.
ومع ذلك فالإسلام جعل من التعدد إباحة شبه معطلة وذلك بأن شرط شرط صعب التحقيق وهو العدل بين النساء كما قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ).
فنفى قدرة العدل  حتى عن الحريص فلم يبق إلا من هو أكثر من حريص وقد أخصها بهم فقط.

أما البقاء في البيوت فهو أمر وارد لزوجات النبيo باعتبارهن مثل عالي ليس لهن بل لمكانته هوo.
وكرم الإسلام المرأة إنسانًا حينما اعتبرها مكلفة مسئولة كاملة المسئولية والأهلية مثل الرجل، مَجْزِيَّة بالثواب والعقاب مثله، حتى إن أول تكليف إلهي صدر للإنسان كان للرجل والمرأة سوياً حيث قال الله للإنسان الأول (آدم وزوجه):
(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)[1].
فأن الإسلام ليس في نصوصه الثابتة من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة نص يُحَمِّل المرأة تبعة إخراج آدم A من الجنة، وشقاء ذريته من بعده، كما ذكروا ذلك في (أسفار العهد القديم).
بل القرآن أكد أن آدم هو المسئول الأول ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)[2] (فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)[3].
ولكن بعض المسلمين ظلموا المرأة ظلم كبير وجاروا على حقوقها، وحرموها مما قرره الشرع لها، باعتبارها إنسان أو أنثى، أو ابنة أو زوجة أو أم.
ولاحظ اكثر مما وقع عليها من ظلم وقع بأسم الدين وهو منه براء. لقد نسبوا إلى النبي J أنه قال في شأن النساء ( شاوروهن وخالفوهن) وهو حديث موضوع لا قيمة له ولا وزن من الناحية العلمية.

مع أن النبي J شاور زوجته أم سلمة B في أمر من أهم أمور المسلمين، وأشارت عليه، فأخذ برأيها مختارًا، وكان فيه الخير والبركة.
ترى هل جهل هؤلاء أن القرآن أجاز سؤال أزواج النبي J من وراء حجاب، رغم التغليظ في أمرهن، حتى حرم عليهن ما لم يحرم على غيرهن وقال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ[4].
ورأيت الفتاه ابنة الشيخ الكبير A المذكورة في صورة القصص تقول لموسىA: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)[5].
وتحدثت إليه هي وأختها من قبل حين سألهما: (مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)[6].
وحكى القرآن ما جرى من حديث بين سليمان A وملكة سبأ، ومثله بينها وبين قومها من الرجال. فكل ما يُمنع هنا هو التكسر والتميع في الكلام، الذي يراد به إثارة الرجل وإغرائه.
وقد عبر عنه القرآن باسم (الخضوع بالقول) وذلك في قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً)[7].
فالخضوع الذي يطمع الذين أمرضت قلوبهم الشهوات، وليس منعًا لجميع الكلام مع الرجال بدليل قوله تعالى تتمة للآية: (وقلن قولاً معروفًا).
ومن الأحاديث التي أساءت للمرأة ما رواه البخاري عنه J أنه قال: (ما تركت بعدي فتنه أضر على الرجال من النساء).

فقد توهموا وأوهموا غيرهم أن الفتنة هنا تعني أنهن شر ونقمة، أو مصيبة يبتلى بها الإنسان كما يبتلى بالفقر والمرض والجوع والخوف، وغفلوا من أن الإنسان إنما يفتن بالنعم أكثر مما يفتن بالمصائب. وقد قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)[8].
وليس أدل عليه من اعتبار القرآن الأموال والأولاد، وهما من أعظم نعم الحياة الدنيا وزينتها، فتنة ليحذر منها، كما قال تعالى : (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)[9] (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)[10].
واما فتنتها أنها قد تلهي الفرد عن واجبه نحو ربه، وتشغله عن مصيره في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[11].

وكما يخاف على الناس من أن يفتنوا بالأموال والأولاد، يخاف عليهم من أن يفتنوا بالنساء، كزوجات يثبطنهم عن البذل والجهاد، ويغرينهم بالاشتغال بالمصالح الخاصة عن الواجبات العامة كما في قوله تعالى: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ[12].
ويفتنوا بهن في حالة إذا أصبحن أدوات للإثارة، وتحريك الشهوات، وتأجيج نيران الغرائز في صدور الرجال، وهو هو الخطر الأكبر، الذي يخشى من ورائه تدمير قيم الأخلاق، وتلويث الأعراض، وتفكيك الأسر والجماعات.
وهنا التحذير من النساء مثل التحذير من نعمة المال والرخاء وبسطة العيش كما في الحديث : والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم[13].
فلا يعني هذا الحديث أن النبي J يعمل على نشر الفقر، وهو الذي استعاذ بالله منه، ولا أنه يكره لأمته السعة والرخاء والغنى بالمال، وهو الذي قالJ: نعم المال الصالح للمرء الصال[14].
بل هو يضيء للإشارات الحمراء للمسلم والمجتمع أمام المزالق والأخطار لكي لا تَزِلَّ قدمه ويسقط في الهاوية من حيث لا يشعر، ولا يريد.

الهوامش


[1] - سورة البقرة 35
[2] - سورة طه 115
[3] - سورة طه 121 - 122
[4] - سورة الاحزاب 53
[5] - سورة القصص 25
[6] - سورة القصص 23
[7] - سورة الاحزاب 32
[8] - سورة الانبياء 35
[9] - سورة سورة التغابن 15
[10] - سورة الانفال 28
[11] - سورة المنافقون 9
[12] - سورة التغابن الاية 14
[13] - متفق عليه من حديث عمرو بن عوف الأنصاري.
[14] - رواه أحمد 4/197 و202 والحاكم في المستدرك 2/2 وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي عليه.